حوضا سَقْوا فيه المِهارَ ، وليستْ بموضع تحويض يقال : ظلمت الحوضَ إذا عمِلتَه في موضعِ لا تُعمل فيه الحياضُ ، قال : وأصل الظُّلمِ وَضع الشيء في غير مَوضعه ، ومنه قوله : واليومَ ظُلْم أي واليومَ وضع الشأن في غير موضعه ، ومنه قول ابن مُقبل :
* هُرْتُ الشَّقاشِق ظَلَّامون للجُزَر*
أي وضعوا النَّحر في غير مَوضعه ، وظَلم السَّيلُ الأرض إذا خَدَّد فيها من غير مُوْضعِ تَخديد وأنشد للحُوَيدِرَة :
ظَلَم البطاحَ بها انْهِلالُ حرِيصةٍ |
فَصَفا النطافُ بها بُعَيْدَ المُقْلَعَ |
قال : وظَلمتُ سِقائي أي سقيتهم إياه قبل أن يروب وأنشد :
وصاحبِ صِدْق لم تَنلني أذاتُه |
وفي ظلْمي له عامدا أجْرُ |
قال : هكذا سمعت العرب تنشده : وفي ظَلْمي بنصب الظاء.
قال : والظُّلْمُ الاسم والظَّلم بالفتحِ العملُ ، وقال الأصمعيّ في قول زهير :
* ويُظلم أَحْيانا فَيَظَّلم *
أي يُطلبُ منه في غير موضع الطلب.
وقال الليث : الظَّلْم يقال هو الثَّلْجُ ويقال هو الماء الّذي يَجرِي على الأسنان من اللون لا من الريق ، قال كعب بن زهير :
تَجْلو عَوارِضَ ذي ظَلْم إذا ابتَسَمَتْ |
كأَنهُ مَنْهَلٌ بالرّاح مَعْلولُ |
وقال الآخر :
إلى شَنْبَاءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا |
بماءِ الظَّلْم طيِّبةِ الرُّضابِ |
قال : يحتمل أن يكون المعنى بماءِ الثَّلج.
قال شمر : الظَّلْم بياض الأسنان كأنه يعلوه سواد ، والغُروب ماء الأسنان ، وقال الكميت : ثم أنشد البيت.
وقول الله جلّ ثناؤه : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) [الأنعام : ٨٢].
قال ابنُ عبَّاس وجماعةُ أهل التفسير : لم يُغَطُّوا إيمانهم بشرك ، رَوى ذلك حُذيفة وابن مسعود وسلمان ، وتأَوَّلوا فيه قول الله جلّ وعزّ حكاية عن لُقمان : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] والظُّلْمُ الميْل عن القَصد ، وسمعتُ العرب تقول : الْزَمْ هذا الصوبَ ولا تَظْلِم منه شيئا ، أي لا تَجُرْ عنه.
وقال الباهلي في كتابه : أرض مظلومة إذا لم تُمْطَرْ ، ويُسَمَّى ترابُ لَحْدِ القبرِ ظَلِيما لهذا المعنى وأنشد :
فأَصْبحَ في غَبْرَاءَ بَعْدَ إشاحةٍ |
على العَيْش مَرْدودٍ عليها ظَلِيمُها |
يَعْني حُفْرَة القَبْر ، يُرَدُّ تُرابُها عليه بعد دَفْنِ الميتِ فيها ، والظَّلِيمُ الذَّكر من النَّعام وجمعه الظُّلْمَانُ والعَددُ ثلاثةُ أَظْلِمَةٍ.