وقوله : (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائدة : ٥٤] أي جانبهم غليظ عليهم.
وقوله : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ مِنَ الرَّحْمَةِ) [الإسراء : ٢٤]. وقرىء (الذِّل) فالذُّل ضِدُّ العِزِّ والذِّل ضدُّ الصُّعوبة.
وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ) [الإسراء : ١١١] أي لم يتخذ وليا يحالفه ويعاونه لِذُلِّه ، وكانتْ العرب يُحَالِفُ بعضُها بعضا يلتمسون بذلك العِزَّ والمَنَعَةَ.
فنفى ذلك عن نفسه جلّ وعزّ.
وفي حديث ابن الزبير : الذُّلُ أَبقَى للأهل والمالِ ، تأويله أن الرَّجلَ إذا أصابته خُطّةُ ضَيْمٍ فلْيَصْبر لها فإنّ ذلك أَبْقَى لأهله ومالِه فإنه إن اضطرب فيها لم يَأْمن أن يُستأصَل ويَهْلِك.
ووجه آخر : أن الرجل إذا عَلَت هِمَّتُه وسَمتْ إلى طلب المعالي عُوديَ ونُوزعَ وقُوتل ، فَربما أتى القتلُ على نفسه ، وإن صَبَرَ على الذُّل وأطاع المُسَلَّط عليه حَقن دَمَه وحَمَى أهله وماله.
لذّ : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : اللَّذُّ النَّوْمُ.
وأنشد :
وَلذٍ كَطَعْم الصَّرخديِّ تركْتُه |
بأرض العِدَى من خشْية الحَدَثان |
أراد أنه لمَّا دَخل ديارَ أعدائِه لم يَنم حذارا لهم.
وقال ابن الأعرابيّ : اللَّذَّةُ واللَّذَاذةُ واللَّذِيد واللَّذْوَى كلهُ الأكل والشُّرْب بنعْمةٍ وكفاية.
وقال الليثُ : اللَّذُّ واللَّذِيذُ يجريَانِ مجرًى واحدا في النعت ، يقال : شرابٌ لذُّ ولذِيذٌ.
وقال الله عزوجل : (مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) [محمد : ١٥] أي لذيذةٍ وقيل : لَذَّةٍ أي ذَات لذةٍ.
وقال ابن شميل : لَذِذْتُ الشيء أَلذُّه إذا استلْذَذتَه ، وكذلك لَذِذتُ بذلك الشيء وأنا أَلذُّ به لَذاذةً ولَذِذتُه سواء.
وأنشد ابن السكيت :
تقَاك بكعْبٍ واحدٍ وتَلذّهُ |
يَدَاكَ إذا ما هُزَّ بالكفِّ يَعْسِلُ |
ولذَّ الشيءُ يَلذَّ إذا كان لذيذا.
وقال رُؤبةُ في لَذَذْته أَلذه :
* لَذّتْ أحاديثَ الغَوِيِّ المُبْدِع*
أي اسْتلذَّ بها. ويجمع اللذيذ لذاذا المناوعة شبه المغازلة.
وفي حديث عائشة أنها ذكرت الدنيا فقالتْ : قد مَضى لَذْواها وبَقيَ بَلواها.
قال ابن الأعرابيّ : اللَّذْوَى واللَّذَّةُ واللَّذَاذَةُ كله الأكل والشربُ بِنَعْمةٍ وكِفايةٍ ، كأنها أرادتْ بذهاب لَذْواها حَياةَ النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبالبلْوى ما امْتُحن الناس به