وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي.
راجع دفع الشبه (ص ٤٥ ـ ٤٧) وهؤلاء الأربعة هم قضاة قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيّام تلك الفتنة في سنة (٧٢٦) (١).
وكان من معاصريه من ينهاه عن غيِّه كالذهبي ، فإنَّه كتب إليه ينصحه ، وإليك نص خطابه إيّاه :
الحمد لله على ذلّتي! يا ربّ ارحمني وأَقِلني عثرتي ، واحفظ عليَّ إيماني ، وا حُزناه على قلّة حزني! ووا أسفاه على السنّة وأهلها! وا شوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء! وا حزناه على فقد أُناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات! آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وتبّا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه ، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينيك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذمّ العلماء وتتّبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تذكروا موتاكم إلاّ بخير ، فإنَّهم قد أفضوا إلى ما قدّموا». بل أعرف أنَّك تقول لي لتنصر نفسك : إنَّما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شمّوا رائحة الإسلام ، ولا عرفوا ما جاء به محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو جهاد ، بل والله عرفوا خيراً كثيراً ممّا إذا عُمل به فقد فاز ، وجهلوا شيئاً كثيراً ممّا لا يعنيهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
يا رجل بالله عليك كفَّ عنّا ، فإنَّك محجاج عليم اللسان لا تقرُّ ولا تنام ، إيّاكم والغلوطات في الدين ، كره نبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال : «إنَّ أخوف ما أخاف على أُمّتي كلّ منافق عليم اللسان». وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام ، فكيف إذا كان في عبارات اليونسيّة والفلاسفة وتلك الكفريّات التي تعمي القلوب ، والله قد صرنا ضحكةً في الوجود ،
__________________
(١) راجع تكملة السيف الصقيل للشيخ محمد زاهد الكوثري : ص ١٥٥. (المؤلف)