فإلى كم تنبش دقائق الكفريّات الفلسفيّة؟ لنردَّ عليها بعقولنا.
يا رجل ، قد بلعت سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم مرّات ، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن والله في البدن ، وا شوقاه إلى مجلس يُذكر فيه الأبرار! فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة ، كان سيف الحجّاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما ، بالله خلّونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب ، وجدّوا في ذكر بدعٍ كنّا نعدّها من أساس الضلال ، قد صارت هي محض السنّة وأساس التوحيد ، ومن لم يعرفها فهو كافرٌ أو حمار ، ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون وتعدّ النص ارى مثلنا ، والله في القلوب شكوك ، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد ، يا خيبة من اتّبعك فإنَّه معرّض للزندقة والانحلال ، لا سيّما إذا كان قليل العلم والدين باطوليّا شهوانيّا ، لكنّه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه ، وفي الباطن عدوٌّ لك بحاله وقلبه ، فهل معظم أتباعك إلاّ قعيد مربوط خفيف العقل؟ أو عاميّ كذّابٌ بليد الذهن؟ أو غريبٌ واجمٌ قويُّ المكر؟ أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدِّقني ففتِّشهم وزِنْهم بالعدل.
يا مسلم ، أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك ، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار؟ إلى كم تعظِّمها وتصغِّر العباد؟ إلى متى تخاللها وتمقت الزهّاد؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفيّة لا تمدح ـ والله ـ بها أحاديث الصحيحين؟ يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك ، بل في كلِّ وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار ، أو بالتأويل والإنكار ، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟ بلى ـ والله ـ ما أدّكر أنَّك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت ، فما أظنّك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي ، بل لك همّةٌ كبيرةٌ في نقض هذه الورقة بمجلّدات ، وتقطع لي أذناب الكلام ، ولا تزال تنتصر حتى أقول : البتّة سكتُّ ، فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحبّ الوادّ ، فكيف حالك عند أعدائك؟ وأعداؤك ـ والله ـ فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء ، كما أنَ