أولياءك فيهم فجرة وكَذَبة وجهلة وبَطَلة وعور وبقر ، قد رضيت منك بأن تسبّني علانية وتنتفع بمقالتي سرّا فرحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي ، فإنّي كثير العيوب غزير الذنوب ، الويل لي إن أنا لا أتوب! ووا فضيحتي من علاّم الغيوب ؛ ودوائي يعفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمد خاتم النبيّين وعلى آله وصحبه أجمعين (١).
فمن هنا وهناك أبادوا عليه ما أبدعته يده الأثيمة من المخاريق التافهة والآراء المحدثة الشاذّة عن الكتاب والسنّة والإجماع والقياس ، ونودي عليه بدمشق : من اعتقد عقيدة ابن تيميّة حلَّ دمه وماله (٢). فذهبت تلكم البدع السخيفة أدراج الرياح (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) (٣).
ثمّ قيّض المولى سبحانه فى كلّ قرن وفي كلّ قطر رجالاً نصروا الحقيقة ، وأحيوا كلمة الحقّ ، وأماتوا بذرة الضلال ، وقابلوا تلكم الأضاليل المحدثة بحجج قويّة ، وبراهين ساطعة ، فجاءت الأمّة الإسلاميّة تتّبع الطريق المهيع ، وتسلك جَدد السبيل ، تباعاً وراء الكتاب والسنّة ، تعظِّم شعائر الله (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (٤) إلى أن ألقى الشرّ جرانه (٥) ، وجاد الدهر بولائد الجهل ، وربّتهم أيدي
__________________
(١) تكملة السيف الصقيل للكوثري : ص ١٩٠ كتبه من خطّ قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة ، وكتبه هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد بن العلائي ، وقد كتبه من خط الذهبي ، وذكر شطراً منه العزامي في الفرقان : ص ١٢٩. (المؤلف)
(٢) الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني : ١ / ١٤٧. (المؤلف)
(٣) الرعد : ١٧.
(٤) الحج : ٣٢.
(٥) الجِران : باطن العنق. يقال : ألقى البعير بجرانه ، إذا برك ومدّ عنقه على الأرض ، واستعاره المصنّف قدسسره هنا للشرّ إذا تمكّن وقرَّ في قراره.