من أدلّتها : ليس المراد اختصاص طلب الزيارة بالحجِّ ؛ فإنَّها مندوبة مطلقاً كما مرَّ بعد حجّ أو عمرة أو قبلهما أو لا مع نسك ؛ بل المراد ـ يعني من قول المصنِّف بعد فراغ الحجِّ ـ تأكّد الزيارة فيها لأمرين أحدهما : أنَّ الغالب على الحجيج الورود من آفاق بعيدة ، فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة. والثاني : لحديث «من حجَّ ولم يزرني فقد جفاني».
رواه ابن عدي في الكامل (١) ، وغيره. وهذا يدلُّ على أنَّه يتأكّد للحاجّ أكثر من غيره ، وحكم المعتمر حكم الحاجّ في تأكّد ذلك.
٢٦ ـ قال الشيخ زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى (١٠٣١) في شرح الجامع الصغير (٦ / ١٤٠) : وزيارة قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم الشريف من كمالات الحجِّ ، بل زيارته عند الصوفيّة فرض وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيّا. قال الحكيم : زيارة قبر المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم هجرة المضطرّين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضاً فانصرفوا ، فحقيق أن لا يخيِّبهم ، بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم.
وقال في شرح الحديث الأوّل المذكور (ص ٩٣) : إنَّ أثر الزيارة إمّا الموت على الإسلام مطلقاً لكل زائر ، وإمّا شفاعة تخصُّ الزائر أخصَّ من العامّة ، وقوله : «شفاعتي» في الإضافة إليه تشريف لها ؛ إذ الملائكة وخواصُّ البشر يشفعون ، فللزائر نسبة خاصّة ، فيشفع هو فيه بنفسه ، والشفاعة تعظم بعظم الزائر.
٢٧ ـ جعل الشيخ حسن بن عمار الشرنبلالي في مراقي الفلاح بإمداد الفتّاح (٢) ، فصلاً في زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أفضل القربات وأحسن المستحبّات ، تقرب من درجة ما لزم من الواجبات ، فإنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حرّض عليها وبالغ في الندب إليها ، فقال : «من وجد سعةً فلم يزرني فقد جفاني». وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من
__________________
(١) الكامل في ضعفاء الرجال : ٧ / ١٤ رقم ١٩٥٦.
(٢) مراقي الفلاح : ص ١٠٥.