علقمة والأسود وعمرو بن ميمون : أنَّهم بدءوا بالمدينة قبل مكّة. إلى أن قال :
وممّن نصَّ على هذه المسألة من الأئمّة أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ وقال : الأحسن أن يُبدأ بمكّة.
وقال الشيخ عليّ القاري في شرح المشكاة (١) (٣ / ٢٨٤) : الأنسب أن تكون الزيارة بعد الحجّ كما هو مقتضى القواعد الشرعيّة من تقديم الفرض على السنّة (٢) ، وقد روى الحسن ، عن أبي حنيفة تفصيلاً حسناً ، وهو أنّه إن كان الحجُّ فرضاً ، فالأحسن للحاجّ أن يبدأ بالحج ثمّ يثنّي بالزيارة ، وإن بدأ بالزيارة جاز ، وإن كان الحجُّ نفلاً ، فهو بالخيار ، فيبدأ بأيّهما شاء. انتهى.
ثمّ قال : والأظهر أنَّ الابتداء بالحجّ أولى لإطلاق الحديث (٣) ، ولتقديم حقِّ الله على حقِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذا تُقدّم تحيّة المسجد النبويّ على زيارة المشهد المصطفوي.
٢ ـ من المتسالم عليه بين فرق المسلمين سلفاً وخلفاً جواز استنابة النائب واستئجار الأجير لزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن عاقه عنها عذر ، وقد استفاض عن عمر بن عبد العزيز أنَّه كان يبرد إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم البريد من الشام ليقرأ السلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ يرجع. وفي لفظ : كان يبعث بالرسول قاصداً من الشام إلى المدينة.
ذكره البيهقي في شعب الإيمان (٤) ، وأبو بكر أحمد بن عمرو النيلي المتوفّى (٢٨٧) في مناسكه ، والقاضي عياض في الشفاء (٥) ، والحافظ ابن الجوزي في مثير الغرام
__________________
(١) المرقاة في شرح المشكاة : ٥ / ٦٣٢ ح ٢٧٥٦.
(٢) هذه القاعدة إنّما تؤخذ في موارد تزاحم الأمرين لا مطلقاً ، والمقام ليس منها ـ كما لا يخفى ـ ، فإنّ الحجّ فريضة موقوتة ، فلا بأس بتقديم المندوب عليها قبل ظرفها. (المؤلف)
(٣) يعني الحديث الثالث من أحاديث الزيارة ، وقد مرّ في صفحة ٩٨. (المؤلف)
(٤) شعب الإيمان : ٣ / ٤٩١ ح ٤١٦٦.
(٥) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ٢ / ١٩٨.