ألم تكن آي المباهلة ، والتطهير ، والولاية ، إلى أمثالها الكثير الطيّب النازل في الثناء على سيّد العترة ، تساوي عند عمر تلكم الموضوعات المختلقة في أولئك الذين تمنّى حياتهم؟!
والخطب الفظيع أنّ عمر كان يرى مثل سالم بن معقل ـ أحد الموالي ، مولى بني حذيفة وكان من عجم الفرس ـ أهلاً للخلافة وصاحبها الوحيد ، ويتمنّى حياته لمّا طُعن بقوله : لو كان سالم حيّا ما جعلتها شورى (١).
هلاّ عزيز على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يُعادل صنوه أمير المؤمنين حتى الموالي والعبيد من أُمّته ، بعد تلكم النصوص الواردة فيه كتاباً وسنّة؟ ألم يكن عمر نفسه محتجّا يوم السقيفة على الأنصار بقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الأئمّة من قريش»؟ فلما ذا نسيه؟ وكيف يرى لمولى بني حذيفة قسطاً من الخلافة؟
ألم يكن عمر هو الذي ألحّ على أبي بكر في خالد بن الوليد أن يعزله ويرجمه ويقتله لمّا قتل مالك بن نويرة ، ونزا على حليلته ، وقتل أصحابه المسلمين ، وفرّق شمله ، وأباد قومه ، ونهب أمواله؟ أنسي قوله لأبي بكر : إنّ في سيف خالد رهقاً؟ أم قوله فيه : عدوّ الله عدا على امرئٍ مسلمٍ فقتله ثمّ نزا على امرأته؟ أم قوله لخالد : قتلت امرأً مسلماً ثمّ نزوت على امرأته ، والله لأرجمنّك بأحجارك؟
نعم ؛ السياسة الشاذّة عن مناهج الصلاح تتحف صاحبها كلّ حين لساناً ومنطقاً يختصّان به ، وهذه الخواطر والآراء والأماني واللهجة المُلَهوجة ، هي نتاج السياسة المحضة تضادّ نداء كتاب الله ، ونداء الصادع الكريم ، وهي التي جرّت الشقاء والشقاق على أمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى اليوم.
__________________
(١) طبقات ابن سعد : ٣ / ٢٤٨ [٣ / ٣٤٣] ، التمهيد للباقلاّني : ص ٢٠٤ ، الاستيعاب : ٢ / ٥٦١ [القسم الثاني / ٥٦٨ رقم ٨٨١] ، طرح التثريب : ١ / ٤٩. (المؤلف)