ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحقّ لا مائلين عنه بزيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله طلبت ، فحقّنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت ، فنحن منهم متقدّمون فيهم ، وإن كان هذا الأمر إنّما يجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا كارهين ؛ فأمّا ما بذلت لنا فإن يكن حقّا لك ، فلا حاجة لنا فيه ؛ وإن يكن حقّا للمؤمنين ، فليس لك أن تحكم عليهم ؛ وإن كان حقّنا ، لم نرضَ عنك فيه ببعض دون بعض.
وأما قولك : إنّ رسول الله منّا ومنكم ، فإنّه قد كان من شجرةٍ نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
٣٨ ـ وما عذر من استشكل على أبي بكر في استخلافه عمر على الصحابة؟
قالت عائشة : لمّا ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان ، فقالوا : يا خليفة رسول الله ، ما ذا تقول لربّك غداً إذا قدمت عليه وقد استخلفت علينا ابن الخطّاب؟
قالت : فأجلسناه ، فقال : أبالله ترهبوني؟ أقول : استخلفت عليهم خيرهم. سنن البيهقي (٨ / ١٤٩).
٣٩ ـ وما الذي أقعد عليّا أمير المؤمنين عن بيعة عثمان يوم الشورى بعد ما بايعه عبد الرحمن بن عوف وزملاؤه؟ وكان عليّ قائماً فقعد ، فقال له عبد الرحمن : بايع وإلاّ ضربت عنقك ، ولم يكن مع أحد يومئذٍ سيف غيره ، فيقال : إنّ عليّا خرج مغضباً ، فلحقه أصحاب الشورى وقالوا : بايع وإلاّ جاهدناك ؛ فأقبل معهم حتى بايع عثمان. الأنساب للبلاذري (٥ / ٢٢).
قال الطبري في تاريخه (١) (٥ / ٤١) : جعل الناس يبايعونه وتلكّأ عليّ ، فقال عبد الرحمن : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٢) فرجع عليّ يشقّ الناس حتى بايع وهو يقول : خدعة وأيّما خدعة.
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك : ٤ / ٢٣٨ حوادث سنة ٢٣ ه.
(٢) الفتح : ١٠.