وإن تعرّض لوصف تلك الخلال الشريفة ، والأخلاق اللطيفة ، والألفاظ المستعذبة المألوفة مكنوناً من عيّه ، ولكنَّه نشر ما لعلّه كان مطويّا من حصره ، وفيها هنة لكنّه يقول على ثقة من مسامحته :
قصدت ربعي فتعالى به |
|
قدري فدتك النفسُ من قاصدِ |
فما رأى العالمُ من قبلها |
|
بحراً مشى قطُّ إلى واردِ |
فلله هو من بحر خضمّ ، عذب ماؤه ، وسرى نسيماً هواؤه ، فأمن سالكوه من خطره ، ورأوا عجائبه وفازوا بدرره ؛ وإن كنت في هذا المقام كالمنافس على قول ابن قلاقس (١) :
قبِّل بنانَ يمينه |
|
وقل السلام عليك بحراً |
وغلطتُ في تشبيهه |
|
بالبحر اللهمَّ غفراً |
والله تعالى يسبغ الظلّ الظليل ، ويبقي ذلك المجد الأثيل ، ويستخدم الدهر لخدمه ومحبّيه ، ويمتِّعهم ببلوغ الآمال منه وفيه بمنّه وكرمه (٢).
هذه هي الرسالة الإخوانيّة الوحيدة التي عثرت عليها لمجد الدين بن جميل ؛ وله توقيع كتبه في سنة (٦٠٤) أيّام كان كاتباً في المخزن ، في تولية ضياء الدين أحمد بن مسعود التركستاني الحنفي التدريس بمدرسة الإمام أبي حنيفة المجاورة لقبره يومذاك ، قال فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله المعروف بفنون المعروف والكرم ، الموصوف
__________________
(١) هو أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن عليّ بن عبد القوي بن قلاقس ، الأديب الشاعر المجيد ، ولد سنة (٥٣٢) ، وتوفّي بعيذاب سنة (٥٦٣) ، وقصر عمره يدل على نبوغه ، وله الديوان المطبوع.(المؤلف)
(٢) أصول التاريخ والأدب : ٢٣ / ٥٧. (المؤلف)