فتقول من يزر النبي محمدا |
|
يكن النبي شفيعه يا موهب |
كذلك عند ما تتحدث كتب التاريخ والسير والأخبار عن تقواه وعبادته وأدبه وتواضعه وجهاده فإنّ ذلك معناه أنه لم يعبأ بالحياة المادية ، وأنه اهتم بخدمة الدين والعلم : يقول الدكتور مهدي المخزومى (١) : «وكان الخليل من أهل الدين الذين جاهدوا في سبيله ، وكان لجهاده في سبيل الدين ألوان. اصطبغ مرة بالسياسة ، واصطبغ مرة بالعلم ، ولما لم تسعفه الظروف السياسية في كفاحه السياسي انصرف إلى خدمة الدين عن طريق العلم ، وقد عكف على العلم عكوف المتصوفين ، وانصرف إلى طلبه تاركا الحياة المادية ، غير عابئ بجاه أو منصب واعتزل في خصه مغلقا عليه بابه».
على أية حال يبدو أن حياة الخليل كان لها شقان :
الشق الأول من حياته : كان الخليل فيه شابا يخرج في طلب العلم يلتقي بالناس ، ذا علاقات اجتماعية مختلفة ، وربما كتب بعض غزلياته في هذه المرحلة.
الشق الثاني من حياة الخليل : وهو مرحلة ما بعد ذلك ، وفيها كان الخليل زاهدا عاكفا على علمه مفكرا في وضع وابتكار ما ابتكره من علم العروض ومعجم العين وغير ذلك من إضافاته اللغوية الجديدة. (٢)
لكن المؤكد أن الخليل في شقي حياته لم ينجذب إلى اللهو والعبث والمجون كما يفعل غيره شبابا وشيوخا ، لم تستهوه مجالس الطرب والأنس
__________________
(١) أعلام العرب ٦٩ ، أتحاف الأعيان ١ / ٦٥.
(٢) الخليل بن أحمد الفراهيدي ، أعماله ومنهجه ، ص ٥٠.