الأمان على أنفسهم وأموالهم ، وكتب لهم بذلك كتابا ليقبلن وليؤذن الجزية وليدخلن فيما دخل فيه أهل الشام. فبعث بذلك إليهم أبو عبيدة فأجابوا إليه (١)(٢).
فلما فعلوا ذلك كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه : بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبي عبيدة بن الجراح سلام عليك ، «فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو أما بعد : فإنا أقمنا على أهل إيلياء (٣) وظنوا أن لهم في مطاولتهم فرجا فلم يزدهم الله بها إلا ضيقا ونقصا وهزلا (٤) وذلا ، فلما رأوا ذلك سألوا أن يقدم عليهم أمير المؤمنين فيكون هو الموثق (٥) لهم والكاتب ، فخشينا أن يقدم أمير المؤمنين فيغدر القوم ويرجعوا فيكون مسيرك ـ أصلحك الله ـ عناء وفضلا ، فأخذنا عليهم المواثيق المغلظة بإيمانهم ليقبلن وليؤدن الجزية وليدخلن فيما دخل فيه أهل الذمة ففعلوا ، فإن رأيت أن تقدم فافعل فإن في مسيرك أجرا وصلاحا أتاك الله رشدك ويسر أمرك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعث المسلمون إليه وفدا وبعث الروم (٦) وفدا مع المسلمين حتى أتوا المدينة ، فجعلوا يسألون عن أمير المؤمنين. فقال الروم لترجمانهم عمن يسألون. فقال : عن أمير المؤمنين. فاشتد عليهم وقالوا : هذا الذي غلب فارس والروم وأخذ كنوز كسرى وقيصر ليس له مكان مخصوص بهذا (٧) غلب الأمم ، فوجدوه وقد ألقى نفسه حين أصابه الحر نائما فازدادوا تعجبا.
فلما قدم الكتاب على عمر ، رضياللهعنه ، دعا برؤساء المسلمين إليه وقرأ عليهم كتاب أبي عبيدة ، رضياللهعنه ، واستشارهم في الذي كتب إليه. فقال له عثمان ، رضياللهعنه : إن الله تعالى قد أذلهم وحصرهم وضيق عليهم وهم في كل يوم يزدادون نقصا وهزلا (٨) وضعفا ورعبا ، فإن أنت أقمت ولم تسر إليهم رأوا أنك بأمرهم مستخف ولشأنهم حاقر غير معظم ، فلا يلبثون إلا قليلا حتى ينزلوا على الحكم ويعطوا الجزية. فقال عمر : ماذا ترون (٩)؟ هل عند أحد منكم رأي غير هذا؟
__________________
(١) ينظر : المقدسي ، مثير ١٧٥.
(٢) فأجابوا أ ج د ه : فأجابوه ب.
(٣) على أهل إيلياء ب : على إيلياء أ ج د ه.
(٤) وهزلا أ ج د ه : وهزالا ب.
(٥) الموثق مثير الغرام : الموثوق أ ب ه : الموفق ج : الموافق د.
(٦) وبعث الروم ... المسلمين ب ج د ه : ـ أ.
(٧) مخصوص بهذا أ : معروف بهذا ب ج د ه.
(٨) وهزلا أ ج د ه : هزالا ب.
(٩) ماذا ترون أ ج ه : ما ترون ب د.