فقال علي بن أبي طالب / / رضياللهعنه : نعم ، عندي غير هذا الرأي ، قال (١) : ما هو؟ فقال : إنهم قد سألوا المنزلة التي فيها لهم الذل والصغار وهو على المسلمين فتح ، ولهم فيه عز وهم يعطونكها الآن في العاجل في عافية ليس بينك وبين ذلك إلا أن تقدم عليهم ولك في القدوم عليهم الأجر في كل ظمأ ومخمصة وفي قطع كل واد وفي كل نفقة حتى تقدم عليهم فإذا أنت (٢) قدمت عليهم كان الأمن والعافية والصلاح والفتح ، ولست آمن إن أيسوا من قبولك الصلح منهم أن يتمسكوا بحصنهم فيأتيهم عدو لنا أو يأتيهم منهم مدد فيدخل على المسلمين بلاء ، ويطول بهم حصار ، فيصيب المسلمين من الجهد والجوع نحو ما يصيبهم ، ولعل المسلمين يدنون من حصنهم فيرشقونهم بالنشاب أو يقذفونهم بالمناجيق فإن أصاب بعض المسلمين تمنيتم أنكم افتديتم قتل رجل من المسلمين بمشرك إلى منقطع التراب فكان (٣) المسلم لذلك من إخوانه أهلا.
فقال عمر ، رضياللهعنه : قد أحسن عثمان النظر في مكيدة العدو ، وقد (٤) أحسن علي بن أبي طالب النظر لأهل السلام ، سيروا على اسم الله تعالى ، فإني سائر.
فخرج فعسكر خارج المدينة ، ونودي في الناس بالعسكر (٥) والمسير ، فعسكر العباس بن عبد المطلب (٦) بأصحاب النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، ووجوه قريش والأنصار والعرب ، رضياللهعنهم ، حتى إذا تكامل عنده الناس استخلف على المدينة علي بن أبي طالب (٧) ، رضياللهعنه ، وسار. فكل غداة (٨) إلا وهو يقبل على المسلمين بوجهه ويقول : الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام ، وأكرمنا بالإيمان ، ورحمنا بنبيه محمد ، صلىاللهعليهوسلم ، فهدانا (٩) به من الضلالة ، وجمعنا به من بعد الشتات ، وألف بين قلوبنا ، ونصرنا به على الأعداء ، ومكن لنا في البلاد ، وجعلنا إخوانا متحابين ، فاحمدوا الله عباد الله على هذه النعمة ، واسألوه المزيد منها ، والشكر عليها وتمام ما أصبحتم
__________________
(١) قال أ ج : فقال ب د ه / / الذل والصغار أ : الذل الصغار ب : الذل لهم والصغار ج د ه.
(٢) أنت أ ج د ه : ـ ب.
(٣) فكان أ : وكان ب ج ه : ـ د.
(٤) وقد أ : ـ ب ج د ه.
(٥) بالعسكر ب ج د ه : بالمعسكر أ.
(٦) العباس بن عبد المطلب أ ب د : + وعلي بن أبي طالب ج ه.
(٧) ينظر : المقدسي ، مثير ١٥٧ ـ ١٥٩.
(٨) فكل غداة أ : فقل غداة ب ه : فقبل غداة ج : ـ د.
(٩) فهدانا أ ب ج د : ـ ه.