من مصر والشام وغيرها. وكان من الجوالين في الآفاق ، كثير النصب (١)(٢) والسهر والتعب. وكان ورعا سمع بالقدس وبلاد كثيرة ، وشرع في تاريخ بيت المقدس وفضائله وجمع فيه أشياء كثيرة.
ولمّا أخذ الفرنج بيت المقدس في سنة اثنتين (٣) وتسعين وأربعمائة أخذوه أسيرا وبعثوه إلى البلاد ينادي في فكاكه بألف دينار ، لما علموا أنه من علماء المسلمين ، فلم يستفكه أحد ، فرموه بالحجارة على باب أنطاكية حتى قتلوه ، رحمه الله.
وقال السبكي رحمه الله في (طبقات الشافعية) : أنهم قتلوه ببيت المقدس في اليوم الثاني عشر من شعبان سنة ٤٩٢ ه (٤)
أبو القاسم عبد الجبار أحمد بن يوسف الرازي الشافعي تفقه على الخجندي (٥) بأصبهان (٦) ، ثم استوطن بغداد مدة ، ثم انتقل إلى بيت المقدس وسلك سبيل الورع والانقطاع إلى الله تعالى إلى أن استشهد على يد الفرنج ، لعنهم الله تعالى ، حين أخذهم القدس في شعبان سنة ٤٩٢ ه (٧).
والغزالي الإمام زين الدين حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الطوسي الشافعي (٨) ، ولد سنة خمسين وأربعمائة (٩) ولم يكن للطائفة الشافعية في آخر عصره مثله. اشتغل في مبدأ أمره بطوس (١٠) ، ثم قدم نيسابور وصار من الأعيان المشار إليهم وارتفعت منزلته. أقام بدمشق ثم انتقل إلى بيت المقدس مجتهدا في العبادة والطاعة وزيارة المشاهد والمواضع العظيمة ، وأخذ في التصانيف المشهورة ببيت المقدس فيقال : إنه صنف بالقدس إحياء علوم الدين ، وأقام بالزاوية التي على باب الرحمة المعروفة قبل ذلك بالناصرية شرقي مسجد بيت
__________________
(١) النصب : الإعياء من العناء والتعب ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١ / ٧٥٨.
(٢) النصب والسهر والتعب أ ه : التعب والنصب والسهر ب ج : ـ د.
(٣) اثنتين ج ه : اثنين أ : ثنتين ب : ـ د.
(٤) ينظر : السبكي ٤ / ٢٠.
(٥) الخجندي : أبو بكر ، محمد بن ثابت بن الحسن الخجندي ، نزيل أصبهان ، عالم في الفقه والأصول ، توفي سنة ٤٨٣ ه / ١٠٩٠ م ، ينظر : الأسنوي ١٥٤ ؛ ابن العماد ٣ / ٣٦٨.
(٦) أصبهان : مدينة عظيمة مشهورة في فارس ، وأصبهان اسم للإقليم بأسره ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٣٢٢ ؛ البغدادي ، مراصد ١ / ٨٧ ؛ الحميري ٤٣.
(٧) ٤٩٢ ه / ١٠٩٨ م.
(٨) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ٢٩٤ ؛ ابن خلكان ٤ / ٢١٦ ـ ٢١٩.
(٩) ٤٥٠ ه / ١٠٥٨ م.
(١٠) طوس : مدينة بينها وبين نيسابور عشرة فراسخ ، وبها قبر الرشيد ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٤٥١ ؛ البغدادي ، مراصد ٢ / ٨٩٧ ؛ الحميري ٣٩٨.