بمصر : أنه لما تمكن الملك الناصر صلاح الدين في مصر ، وحكم على القصر ، وأقام فيه قراقوش الأسدي (١) وكان خصيا أبيض ، وبلغ نور الدين ذلك ، أرسل إلى صلاح الدين يأمره حتما جزما بقطع خطبة العلويين وإقامة الخطبة العباسية. فراجعه صلاح الدين في ذلك خوف الفتنة فلم يلتفت نور الدين إلى ذلك وأصر على ذلك (٢). وكان العاضد قد مرض ، فأمر صلاح الدين الخطباء أن يخطبوا للمستضيء بأمر الله هو أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله العباسي (٣) خليفة بغداد ، ويقطعوا خطبة العاضد ، فامتثلوا ذلك ولم ينتطح فيها عنزان.
وكانت قد قطعت الخطبة (٤) لبني العباس من ديار مصر في سنة ٣٥٩ ه (٥) في خلافة المطيع لله العباسي (٦) حين تغلب الفاطميون على مصر أيام المعز بالله الفاطمي باني القاهرة إلى هذا الآن ، وذلك مائتا سنة وثمان سنين.
وكان العاضد قد اشتد مرضه فلم يعلم أحد من أهله بقطع خطبته ، فتوفي العاضد يوم عاشوراء سنة ٥٦٧ ه ، ولم يعلم بقطع خطبته.
واستولى صلاح الدين على قصر الخلافة على جميع ما فيه ، وكانت كثرته تخرج عن الإحصاء. ونقل أهل العاضد إلى موضع من القصر ، ووكل بهم من يحفظهم وخلا القصر من سكانه (٧)(كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)(٨) وهذا العاضد
__________________
(١) أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي ، الملقب بهاء الدين ، كان خادم صلاح الدين ، ولما استقل صلاح الدين سلمه زمام القصر ، ثم ناب عنه مدة بالديار المصرية وفوض أمورها إليه ، واعتمد في تدبير أمورها عليه واشتهر بالبناء والعمارة ، توفي سنة ٥٩٧ ه / ١٢٠٠ م ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ١٩ ؛ ابن خلكان ٤ / ٩١ ـ ٩٢ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٢٧٠ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٦ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ؛ ابن العماد ٤ / ٣٣١.
(٢) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١١١ ؛ السيوطي ، تاريخ ٥١١.
(٣) الحسن أبو محمد بن المستنجد بالله ولد سنة ٥٣٦ ه / ١١٤١ م ، بويع له بالخلافة يوم موت أبيه ، في خلافته انقضت دولة بني عبيد وخطب له بمصر وضربت السكة باسمه ، توفي سنة ٥٧٥ ه ، ١١٧٩ م ، ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٩ / ١٤٨ ؛ ابن كثير ، البداية ١٢ / ٣٠٤ ؛ الذهبي ، سير ٢٢ / ٦٨ ـ ٧٢ ؛ السيوطي ، تاريخ ٥١١ ـ ٥١٢ ؛ القرماني ٢ / ١٨١ ؛ ابن العماد ٤ / ١٨٣ ـ ٢٥١.
(٤) الخطبة أ ج ه : الخطابة ب : ـ د.
(٥) ٣٥٩ ه / ٩٦٩ م.
(٦) أبو الفضل القاسم بن المقتدر ، بويع له بالخلافة يوم خلع ابن عمه المستكفي بالله ، وفي سنة؟؟؟
٣٦٣ ه / ٩٧٣ م ، أصابه فالج ، فخلع من الخلافة ، وسلم الأمر لولده الطائع لله ، و؟؟؟
٣٦٤ ه / ٩٧٢ م ، ينظر : المسعودي ، مروج ٢ / ٥٩٢ ؛ ابن عبد ربه ٥ / ١٣١ ؛ الذهبي؟؟؟
١٥ / ١١٣ ؛ ابن مسكوي ١ / ٨٧ ؛ ابن كثير ، البداية ١١ / ٢١٢ ؛ ابن القلانسي؟؟؟ ٢١ المختصر ٢ / ١١٣ ؛ السيوطي ، تاريخ ٤٦١ ـ ٤٦٨ ؛ القرماني ٢ / ١٥٢.
(٧) ينظر : ابن شداد ٣٥ ؛ ابن أيوب ٢٤٨ ؛ أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٩٩.
(٨) يونس : [٢٤].