هو آخر خلفاء الفاطميين.
وجملة مدتهم من حين ظهور جدهم المهدي بالله عبيد الله بسجلماسة (١)(٢) في ذي الحجة سنة ٢٩٦ ه (٣) ، إلى أن توفي العاضد في التاريخ المذكور مائتان وسبعون سنة ونحو شهر ، وهذا دأب الدنيا لم تعط إلا واستردت ، ولم تحل إلا وتمررت ولم تصف إلا وتكدرت (٤) ، بل صفوها لا يخلو من الكدر ، وانقرضت دولتهم في خلافة المستضيء بأمر الله العباسي ـ كما تقدم ـ.
ولما وصل خبر الخطبة العباسية بمصر إلى بغداد ، ضربت لها البشائر عدة أيام ، وسيرت الخلع مع عماد الدين صندل (٥) وهو من خواص الخدم المنسوبة إلى نور الدين وصلاح الدين والخطباء ، وسيرت الأعلام السود (٦).
ثم توفي والد الملك صلاح الدين وهو الملك الأفضل نجم الدين أبو الشكر أيوب (٧) ، وكان ولده غائبا عن القاهرة في جهة الكرك ، لأنه كان قصدها لغزو الفرنج فلما عاد وجد أباه قد مات. وسبب موته : أنه ركب بمصر فنفرت به فرسه ، فوقع وحمل إلى قصره وبقي أياما ومات في السابع والعشرين من ذي الحجة سنة ٥٦٨ ه (٨) ، وكان خيرا عاقلا ، حسن السيرة ، كريما كثير الإحسان ، ودفن إلى جانب أخيه شيركوه ، ثم نقلا بعد سنتين إلى المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
ثم دخلت سنة ٥٦٩ ه (٩) ، فتوفي فيها الملك العادل نور الدين الشهيد ، هو أبو القاسم محمود بن الملك / / عماد الدين (١٠) أبي الجود زنكي بن آقسنقر ، تغمده
__________________
(١) سجلماسة : مدينة في جنوب المغرب ذات بساتين وأصناف العنب ، وأهل هذه المدينة من أغنى الناس وأكثرهم مالا ، وهي واسعة الأقطار عامرة الديار وكثيرة البركات ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٣ / ١٩٢ ؛ القزويني ٤٢ ؛ الإدريسي ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ؛ القرماني ٣ / ٣٨٥.
(٢) بسجلماسة في سنة ٢٩٦ ه أ ب ج : ـ د ه.
(٣) ٢٩٦ ه / ٩٠٨ م.
(٤) وتكدرت أ ج : وتكررت ب : ـ د ه.
(٥) صندل بن عبد الله الخادم ويلقب بعماد الدين ، أرسله الخليفة إلى صلاح الدين مرارا ، وهو أكبر الخدم وأعقلهم ، وولي ناظرا على واسط ، واشتهر بالخير والصدقات ، توفي سنة ٥٩٣ ه / ١١٩٦ م ، ينظر : أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٩٩ ؛ أبو شامة ، الذيل ١١ ؛ ابن أيوب ٢٤٨.
(٦) ينظر : أبو شامة ، الروضتين ١ / ١٩٩.
(٧) ينظر : ابن شداد ٣٦ ؛ ابن أيوب ٢٥٠.
(٨) ٥٦٨ ه / ١١٧٢ م.
(٩) ٥٦٩ ه / ١١٧٣ م.
(١٠) ٥١١ ه / ١١١٧ م.