جنده وشكر لكم الملائكة المنزلون على ما أهديتم (١) لهذا البيت من طيب التوحيد ، ونشر التقديس والتمجيد ، وما أمطتم عن طرقهم فيه من أذى الشرك والتثليث ، والاعتقاد الفاجر الخبيث ، فالآن تستغفر لكم أملاك السماوات ، وتصلى عليكم الصلوات المباركات ، فاحفظوا رحمكم الله هذه الموهبة فيكم ، واحرسوا هذه النعمة عندكم بتقوى الله التي من تمسك بها سلم (٢) ، ومن اعتصم بعروتها نجا وعصم ، واحذروا من أتباع الهوى ، ومواقعة الردى ، ورجوع القهقرى / / والنكول عن العدى ، وخذوا في انتهاز الفرصة ، وإزالة ما بقي من الغصة ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، وبيعوا عباد الله أنفسكم في رضا عبادته (٣) ، إذ جعلكم من خيار عباده ، وإياكم أن يستزلكم الشيطان ، وأن يتداخلكم الطغيان فيخيل لكم أن هذا النصر بسيوفكم الحداد ، وخيولكم الجياد وبجلادكم في مواطن الجلاد ، لا والله ما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ، فاحذروا عباد الله بعد أن شرفكم الله بهذا الفتح الجليل والمنح الجزيل ، وخصكم بنصره المبين ، وأعلق أيديكم بحبله المتين ، أن تقترفوا كبيرا من مناهيه ، وأن تأتوا عظيما من معاصيه : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً)(٤) ، (الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) (١٧٥) (٥) ، والجهاد الجهاد (٦) فهو من أفضل عباداتكم ، وأشرف عاداتكم ، أنصروا الله ينصركم ، احفظوا الله يحفظكم ، اذكروا الله يذكركم ، اشكروا الله يزدكم ويشكركم ، جدوا (٧) في حسم الداء ، وقطع شأفة الأعداء ، وطهروا بقية الأرض من هذه الأنجاس التي أغضبت الله ورسوله واقطعوا فروع الكفر واجتثوا أصوله ، فقد نادت الأيام : يا للثارات (٨) الإسلامية ، والملة المحمدية ، الله أكبر فتح الله ونصر ، غلب الله وقهر ، أذل الله من كفر ، واعلموا رحمكم الله أن هذه فرصة فانتهزوها ، وفريسة فناجزوها ، وغنيمة فحوزوها ، ومهمة فأخرجوا لها هممكم وأبرزوها ، وسيروا إليها سرايا عزماتكم وجهزوها ، فالأمر بأواخرها ، والمكاسب بذخائرها ، فقد أظفركم الله بهذا العدو المخذول وهم مثلكم أو يزيدون ، فكيف وقد
__________________
(١) أهديتم ب ج ه : أهديتم أ : ـ د.
(٢) سلم أ ج ه : وسلم ب : ـ د / / وعصم أ ب ج : واعتصم ه : ـ د.
(٣) رضا عبادته أ ج ه : رضاه ب : ـ د.
(٤) النحل : [٩٢].
(٥) الأعراف : [١٧٥].
(٦) والجهاد الجهاد أ ب ج : ـ د ه.
(٧) جدوا ج : فخذوا : خذوا ب ه : ـ د.
(٨) يا للثارات أ ج ه : بالثارات ب : ـ د.