(قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ)
هنالك أنشأها إنشاء وابتدعها ابتداعا من غير مثال يحتذي ، ولا أدوات تستخدم ، ولا أنصار وشركاء يساهمون. إنّ تذكّر هذه الحقيقة تذهب أيّ شك في قدرة البارئ في ذلك ، بلى. يبقى تساؤل قد يلقيه الشيطان في قلب الإنسان الذي يسعى بدوره للتخلص من ثقل المسؤولية وهاجس الجزاء ، والتساؤل هو : كيف يجمع الله الأجزاء المتناثرة في أقطار الأرض حول هذا البدن؟
فيقول ربنا وهو يشير الى تنوّع خلق الله ، الذي يهدينا الى علمه المحيط :
(وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
فأنّى ألقيت بصرك وأدرت بصيرتك رأيت خلقا عجبا ، حسن التقدير ، جميل الظاهر ، متين الصنع ، متناسبا مع هدفه ، متناغما مع نظائره ، ثم رأيت من أنواع الأحياء ، وألوان النباتات ومختلف المعادن ، وصنوف الجمادات ، ما لا يدع عندك شبهة في سعة قدرة بارئها ، ومحيط علمه وقديم خبره ، فكيف يشك في إمكانية إعادة الخلق؟!
جاء رجل الى الإمام الصادق (ع) وقال منكرا للبعث : وأنّى له بالبعث والبدن قد بلي ، والأعضاء قد تفرّقت ، فعضو ببلدة يأكله سباعها ، وعضو بأخرى تمزّقه هوامها ، وعضو قد صار ترابا يبنى به مع الطين في حائط؟!
قال الإمام مجيبا :
«إنّ الذي أنشأه من غير شيء ، وصوّره على غير مثال كان سبق إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه.