منه حي أبدا ، وقد قال ربنا سبحانه : «كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ».
إنّ هذا الإحساس الفطري العميق بالخلود لا يتحقّق في الدنيا ، فهو إذا يتحقّق بالبقاء في الآخرة ، فما الموت إلّا قنطرة ، وما الدنيا إلّا مزرعة ، وإنّ الآخرة لهي الحيوان.
ولكن تبقى العقبة الرئيسية أمام البشر جهله بقدرة الله واحتجابه بما يراه عما لا يراه ، بالشهود عن الغيب.
لذلك نرى آيات القرآن تذكّرنا بآيات قدرة الله ، فهذه السموات التي لا تحصى أقمارها وشموسها ، وهذه الأفلاك التي لا تحدّ اتساعا ، ولا تنحرف عن مسيرها قيد شعرة ، طوعا لربها وتسليما ، وهذه الأرض التي لا تنقضي عجائبها ، وهذه الأحياء المتنوّعة التي تتجلّى في كلّ واحد منها عظائم قدرة ربنا الجبّار. أو ليست جميعا دليل قدرة الله؟!
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)
بلى. إنّه القادر ، وكيف يخلق إن كان عاجزا سبحانه؟!
بلى. إنّه القادر ، ودليل ذلك تنوّع الخلق ، فمن البعوضة المتناهية في الصغر ، الى الفيل الذي يشبه البعوضة ولكن بحجم أكبر ، الى الحوت الذي قد تكون عين واحدة منه أثقل من فيل ثم يجوب البحار بسرعة هائلة ، الى عجائب البحار ورواسي الجبال ونباتات السهول ، حتى أنّك لو قضيت عمرك في معرفة آيات الله في أصغر نبتة : كيف تستقي الأرض وتمتص أملاحها ، وكيف تمثّل من الشمس ضوءها ، وكيف تحافظ على نفسها ضد الآفات والعواصف ، وكيف تحقّق هدفها في هذا