وهب لمنطقة أرضا زراعية ، ولأخرى معادن أودعها ضمير الأرض منذ ملايين السنين ليستفيد منها الإنسان الآن وغدا.
وثقة البشر برزق ربه كفيلة بسد أبواب الشيطان التي يلج منها لتضليله إذ يصوّر له أنّ الآخرين يرزقونه.
ولعل هذه الثقة تدفعه إلى البحث عن الرزق في حقول الطبيعة ، ويسعى في مناكب الأرض يحرثها ، ويثير دفائنها ، ويسخّر طاقاتها لمصلحته ، ولا يجلس في انتظار الآخرين أن يرزقوه أو يطعموه.
وهكذا تكون الفكرة المستوحاة من الآية أوّلا تساهم في تزكية النفس ، بينما تساهم الفكرة الثانية في بناء الحضارة بالاعتماد على رزق الله ، وتفجير الطاقات المهيأة للإنسان.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)
أين تذهبون؟! وإلى أي إفك وكذبة يدفعكم شياطين الجن والانس الذين يوحون إليكم بأنّهم رازقوكم.
[٤] (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ)
في الآيات القرآنية تأكيدات كثيرة على هذه الفكرة : ونستوحي من ذلك : أنّ آراء الناس ليست مقياسا سليما لمعرفة الحق ، ذلك أنّ الإنسان يجعل ـ عادة ـ آراء الآخرين مقياسا ، فيقول : ما دام الناس يقولون : هذا كذب فهو كذلك ، ومن هنا يؤكد ربّنا : «وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» وان أكثر الناس قاوموا رسالات الله فأظهرها الله بالرغم من ذلك.