ونستلهم من هذه الآية ـ كما من آيات عديدة أخرى ـ أنّ أعظم ما يسأل عنه الناس يوم القيامة الولاية ، فهم مسئولون عن القيادة التي كانوا يتبعونها ، والآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله ، كالطاغوت السياسي والثقافي والاقتصادي ، وبالتالي النظام الاجتماعي الذي كانوا يخضعون له.
(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ)
ولعلنا نفهم من قوله تعالى : «فاهدوهم» أنّ الذين تقدّم ذكرهم يحشرون الى جهنم عميانا عمى ماديا ، تجسيدا للعمى المعنوي الذي اختاروه لأنفسهم في الدنيا ، وفي ذلك قوله تعالى : «وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً» (١) ، فهم بحاجة إذن الى من يدلّهم على صراط النار ، ويهديهم الى حيث يستقرّ بهم المصير.
[٢٤] ولكن هل ينتهي كل شيء؟ كلّا ... إنّما يوقف هؤلاء للحساب ، والحساب أبرز تجليات العدالة الإلهية والمسؤولية البشرية ، فمن جانب يدخل العصاة الجحيم وهم قانعون بعدالة الله ، وأنّ هذا المصير جاء نتيجة لعملهم لا نتيجة لظلم ، ومن جانب آخر يصلون الى اليقين بالمسؤولية التي أنكروها في الدنيا.
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ)
عن أفكارهم ، وأقوالهم ، وأعمالهم ، وقبل كلّ ذلك عن إمامهم وخطّهم الديني والسياسي العام.
[٢٥] وأول الأسئلة التي توجّه إليهم :
__________________
(١) الإسراء / (٧٢).