(ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ)
فمن عادة الإنسان في الدنيا أنّه يقدم على الظلم وعموم الخطيئة اعتمادا على الآخرين ، فالشرطي الذي يعتقل المجاهدين يعتمد على مسئول فرقته ، وهذا الآخر بدوره يعتمد على مدير الشرطة ، وهكذا دواليك ، ويشكل الجميع شيئا واحدا هو جهاز ما يسمّى بالأمن أو الحزب الحاكم الذي يعتمد أفراده في الظلم على بعضهم.
وهؤلاء تتقطّع بهم الأسباب والروابط يوم القيامة ، كما تقدّمت بذلك الآية الكريمة ، وهذه الفكرة ليس تنفعنا على صعيد ذلك اليوم وحسب حيث نطّلع على مشهد منه ، بل يجب علينا في الدنيا ـ وانطلاقا من هذه المعرفة ـ أن لا نظلم أحدا اعتمادا على أحد.
[٢٦] إنّ من نعتمد عليهم في ظلمنا لن ينفعونا بشيء في الآخرة ، بل لن ينفعوا أنفسهم ، إذ سيستسلمون أمام الإرادة الربانية ، التي طالما تمرّدوا عليها بجهلهم في الدنيا ، وهذه إشارة الى حاكميّة الرب المباشرة في ذلك اليوم.
(بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ)
ومن لا يستسلم لإرادة الله باختياره فإنّه يخضع لها بالرغم منه.
[٢٧] ولأنّ الظلمة وأعوانهم اعتادوا على حياة التبرير ، ولعلّها أنقذتهم من الجزاء في بعض المواضع من الحياة الدنيا ، فإنّهم يحاولون التشبّث بها في الآخرة أيضا ، طمعا في التنصّل من المسؤولية ، ومن ثم الهرب من الجزاء والعدالة الإلهية ، وأنّى لهم ذلك؟
والقرآن يصوّر تجليّا للتلاوم ، ومحاولة التبرير ، من خلال عرضه الرائع لحوار يدور