التاريخ الغابر ، بالذات وأن الإشارة إليهم كانت بالضمير الغائب «فإنّهم» يلحق القرآن حديثه عنهم بتأكيد مستقل على أنّ هذا المصير يشمل كلّ مجرم ، فعاقبة المجرم الذي يخالف سنن الله ، ويتبع هوى النفس ، ويعبد ذاته ، ويلحق الأذى بغيره ، العذاب الأليم.
(إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ)
[٣٥] من هم هؤلاء المجرمون؟ وما هي صفاتهم؟ وكيف نتقي مصيرهم الأليم؟
يناسب السياق في بيان ذلك تمهيدا لبيان من يخالفهم وهم المتقون ، لتكتمل الصورة لمن أراد النجاة ، ويحق القول على الجاحدين.
وأعظم ميزات المتقين التوحيد ، كما أنّ الشرك بالله أخطر ذنوب المجرمين ، الذين يرفضون التسليم للإله الواحد ، ويتخذون الأنداد من دون الله. إنّ رفض السلطات الفاسدة ، والأنظمة المنحرفة ، والتقليد الأعمى لرجال ضالّين ، الشرط الأول لرسالات الله.
(إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ)
فهم ليسوا على الخطأ وحسب ، إنّما ويتصورون أنفسهم على الحق ، ولو جاءهم من يبيّن خطأهم رفضوه ، وأخذتهم العزّة بالإثم ، وهذه من العقد النفسية الخطيرة التي ينبغي للإنسان اجتنابها ، ذلك أنّ المقياس في الإيمان بالله هو التسليم للحق في كلّ الأحوال متى تبيّن ، ولو خالف العرف الاجتماعي أو اعتقادات الفرد وسيرته السابقة. ولا شك أنّ اعتراف الإنسان الفرد أو الأمة بخطئه والذي قد يستتبع التغيير الجذري في الحياة أمر صعب جدا ، ولكنّه يأخذ به الى العاقبة الحسنة