في الدنيا والآخرة ، ومن أمثلة هذه الحقيقة على صعيد الأمم قوم يونس (ع) الذين قال الله عنهم : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ». (٦)
ومن أمثلتها على صعيد الأشخاص والتي تبيّن صعوبة الأمر نذكر هذه القصة المؤثرة من التاريخ ، ففي بحار الأنوار :
عن علي بن أبي حمزة قال : «كان لي صديق من كتّاب بني أميّة ، فقال لي : استأذن لي على أبي عبد الله ، فاستأذنت له ، فلمّا دخل سلّم وجلس ، ثم قال : جعلت فداك! إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا ، وأغمضت في مطالبه ، فقال أبو عبد الله : لو لا أنّ بني أميّة وجدوا من يكتب لهم ، ويجبي لهم الفيء ، ويقاتل عنهم ، ويشهد جماعتهم ، لما سلبونا حقّنا ، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلّا ما وقع في أيديهم ، فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي من مخرج منه؟ قال : إن قلت لك تفعل؟ قال : أفعل ، قال : أخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدّقت به ، وأنا أضمن لك على الله الجنة ، قال : فأطرق الفتى طويلا فقال : قد فعلت جعلت فداك ، قال ابن أبي حمزة ، فرجع الفتى معنا الى الكوفة ، فما ترك شيئا على وجه الأرض إلّا خرج منه ، حتى ثيابه التي كانت على بدنه ، قال : فقسمنا له قسمة ، واشترينا له ثيابا ، وبعثنا له بنفقة». (٧)
[٣٦] ولأنّ العمل بمضامين التوحيد صعب هكذا ، نجد الكثير من الناس يستكبرون ولا يستمعون للموعظة ، وتأخذهم العزة بالإثم ، بل يتهمون صاحب الرسالة بأرخص التهم ، كما قالوا للأنبياء أنّهم شعراء (ونفوا بذلك منهم الحكمة
__________________
(٦) يونس / (٩٨).
(٧) بح / ج (٧٥) / ص (٣٧٥).