فعلا تجد نفسك جديرا بعدم السجود ، وفوق أوامر الله.
وقال البعض أن معناه : هل استكبرت الآن أم كنت أبدا من العالين.
[٧٦] ان عدم سجود إبليس كان لاستكباره ، والا فجوهره لا يتميز عن آدم فهو مخلوق مثله ، ولا يحق للمخلوق ان يرفض امر الخالق ، ولكن إبليس رأى نفسه متميّزا ، وسبب ذلك أنه اتبع المقاييس الشيئية لا المقاييس القيمية فانتهى إلى افضلية النار على الطين ، واعتز بعنصره وذاته ، فرفض السجود لآدم والطاعة لله سبحانه ، وهذا يدل على بطلان القياس عموما ، ذلك لأن قيمة أي شيء ليست بذاته بل بما يضفي عليه الرب من قيمة واعتبار ، فالصلاة معراج المؤمن لأن الله جعلها كذلك ، والحج جهاد الضعفاء لأن الله شرع ذلك ، والأنبياء خلفاء الله لأن الله حمّلهم رسالاته وجعلهم أئمة وهداة.
ولا يعرف تشريع الله الا من عنده اما البشر فإنه إذا أراد أن يتشبث بالقياس فسوف يهبط إلى مستوى مقاييسه الشيئية فهذا إبليس برغم علمه وعبادته هوى إلى أسفل السافلين حين ترك قيمة التوحيد إلى الشرك ، ومقياس امر الله إلى مقياس خلق الله ، ولم يعرف ان عظمة خلق الله انما هي بأمر الله ، فالنار كنار لا تعدو ان تكون خلقا خلقها الله بأمره ، وأركز فيها خصائص وميزات من الحرارة والاضاءة ، وان شاء الله أعدمها أو اعدم حرارتها ، كما فعل لإبراهيم (ع) ، أو أزال ضوءها كنار جهنم ، إذن الشيء كشيء لا قيمة له ، انما قيمته باعتبار أمر الله ، وهذا هو السبب الجوهري لبطلان القياس في الدين ، والحاجة إلى الرسل.
(قالَ) وهو يبرر موقفه المنحرف.