(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)
والرجيم هو المطرود الذي لا أمل في رجعته ، وربما لو كان ثمة احتمال لعودة إبليس للحق لما أخرجه الله من رحمته ، وأمهله أكثر مما أمهله.
وفي القرآن آية تشير الى الحكمة الالهية التي مر ذكرها ، يقول تعالى في معرض حديثه عن عصيانه إبليس : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (١)
والآية تشير الى انه كان جنّيا ولكنه استطاع الوصول الى مقام الملائكة ، وذلك بعبادته وسعيه ـ كما في الروايات ـ ثم تشير الى تردّيه ومسيرته التنازلية وان سببها المعصية لله ، وتأكد الآية على كونه من الجنّ يهدف تأكيد حريته واختياره ، وكيف أنه علا الى مقام الملائكة بعمله ثم أهبط بسوء اختياره.
وهذه الآية من سورة «ص» والتي تليها تبيّنان جانبا من العقوبات التي فرضها الله على إبليس وهي :
أولا : سحب المزايا والاعتبارات التي حصل عليه بعبادته كدخوله الجنة ، واعتباره من الملائكة ، وشمول رحمة الله الخاصة له.
ثانيا : رجمه من قبل الله ، والرجم هو الطرد الذي لا سبيل للعودة بعده ـ كما مرّ آنفا ـ فهو مبعد عن سائر الخلق ، ومعنى ذلك انهم لا يتفاعلون معه ، وهذه حقيقة علمية يشرحها القرآن بعبارات بسيطة جدا ، يفهمها حتى الطفل المميّز ، لأن هدف الآيات هو هداية الإنسان الى الحق التي لا تتحقق بالعبارات الغليظة المعقدة
__________________
(١) الكهف / (٥٠).