قانت لربه في ديجور الليل ، صافّا قدميه ، ساجدا قائما ، خائفا راجيا.
ويبدو أن الخوف والرجاء قد تساويا في قلبه ، فهو يخشى النار وأهوالها ، ويرجو رحمة ربه في الجنة.
إنّ هؤلاء دأبهم الارتياح إلى الله والحنين في الحالات العادية ، فكيف إذا مسهم الضر.
وهكذا صوّر السياق نمطين من البشر : من يكفر بعد إنقاذه من الهلكة ووعوده بالتوبة ، ومن هو قانت آناء الليل وأطراف النهار ، ليكون الفرق واضحا بينهما ، وأنّه لا يجوز أن نجعل هذا كذاك في الجزاء ، وهذا هو الموضوع الأساسي في هذه السورة التي أوضحت اختلاف مسيرة الزمر الصالحة والزمر التي تساق إلى النار.
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ)
أنّ الله حق ، وأنّ الجزاء حق ، وأنّ الرسول صادق.
(وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)
كلّا ... لا يستويان مثلا. فلا يجوز الاتكال على شفاعة الأنداد. ولا الاتكاء على التمنيات والظنون.
(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)
فبالرغم من وضوح الفرق بين العالم والجاهل ، فإنّ أكثر الناس لا يهتدون إلى ذلك لأنّهم أصحاب القشور والظواهر وأتباع الضجيج ، وليسوا أصحاب العقول المتعمقين في جوهر الأمور وألبابها.