فالسيئات التي مكروها في الحياة الدنيا بدت لهم على حقيقتها. إذ ان النفس الامارة والشياطين من الجن والانس كل أولئك يزينون للبشر سيئات أعماله ، حتى تختفي ظاهر سوءاتها وتبدو لهم انها حسنات ، وذلك بإظهار حسناتها ، بيد انها في القيامة حيث تبلو السرائر تظهر سيئات أعمالهم التي اكتسبوها.
وقد تكون الآية تشير الى تجسد الأعمال ، حيث تصبح السيئات عقارب وحيات ونيران ملتهبة ، والدليل على ذلك قوله تعالى :
(وَحاقَ بِهِمْ)
أي أحاط بهم.
(ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
فذات الرسالة التي استهزءوا بها أهلكتهم ، فالقرآن في يوم البعث يقود من اتبعه هنا الى الجنة هناك ، ويسوق من تولى عنه هنا الى النار هناك. وهكذا كل رسالات الله.
[٤٩] ويمضي السياق قدما في بيان ان الثروة ليست قيمة مطلقة لأنها ليس فقط لا تغني شيئا عن عذاب الله في الآخرة ، بل ولا عن بلائه في الدنيا حينما تحيط بالإنسان الضراء فتراه يدعو به ، ولكنه لا يلبث ان ينسب النعم الى ذاته ، ويزعم بأنه انما حصل عليها بعلمه. كلا انها من عند الله ولكنها ليست دليلا على كرامته عنده ، بل هي مجرد فتنة يمتحن الله بها خلقه.
(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ)