[٦٥] ثم يبين الله الموقف الحاسم من الشرك والمشركين ، فيحذّر نبيه (ص) تهديدا حقيقيا ، بأنه لو افترض أن أشرك بالله فان جزاءه سيكون كسائر الناس ، وإذ يخصص ربّنا الخطاب هنا بأقرب الناس اليه وهو النبي محمد (ص) مع عصمته لكي يبين لنا بان الشرك أعظم الذنوب عنده تعالى.
(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)
لان أعمال الإنسان انما تكون مقبولة حينما يكون اطارها العام أطارا توحيديا ، أما لو عملت الصالحات وأنت تشرك فلن تنفعك أبدا.
(وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)
وهذه نتيجة طبيعية لإحباط العمل ، ذلك أن ما يجلب للإنسان الفلاح والفوز هو عمله الصالح فاذا أحبط فأنّى له الفوز؟
ولعل هذه الآية من أخوف آيات القرآن الكريم ، وتأتي في هذا الدرس تقابل أرجى الآيات وهي قوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١)
ويدخل اجتماع هاتين الآيتين في سورة واحدة في سياق التوازن القرآني الدقيق. حيث يعيش قارءوه معادلة دقيقة طرفاها الخوف والرجاء.
وكيف لا تكون هذه الآية من أخوف الآيات ، وهي تنذر الإنسان بأنه قد يعمل الصالحات عشرات السنين دون نتيجة بسبب شركه ، ومن الشرك خضوعه للحاكم
__________________
(١) الزمر / (٥٢).