الجائر؟!
[٦٦] وفي مقابل دعوة الله نبيه وبالتالي كل مؤمن لرفض الشرك في الآيتين المتقدمتين ، يدعوه في هذه الآية لعبادة الله وحده وشكره على توفيقه له لعبادته. لان ذلك من أكبر نعم الله على الإنسان.
(بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
وفي تقديم كلمة الله (المفعول له) على الفعل والفاعل (فاعبد) دلالة على أن العبادة يجب أن تكون خالصة منحصرة لله وحده. وهذا يشبه تقديم الضمير المنفصل «إياك» وهو المفعول على الفعل والفاعل «نعبد» في سورة الحمد ، أمّا الشكر المأمور به فهو على عبادة الله التي لا تتم إلّا بتوفيق الله أو هو على عموم نعم الله.
[٦٧] ثم ـ وبصورة اخرى ـ يؤكد لنا القرآن ضرورة عبادة الله ، التي تأتي نتيجة معرفته عزّ وجل. والمشركون والكافرون انما عبدوا غير الله بسبب جهلهم به وبقدرته. الأمر الذي جعل تقديرهم له دون مقامه مقام الربوبية.
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)
يتصرف فيهما وفيمن عليهما من الخلق كيف يشاء ، فهذه الأرض مع حجمها الكبير في نظرنا ، والسموات السبع التي يعجز العقل عن استيعاب مداها ، والخيال عن تصور سعتها ، يشبه هيمنته على إحداهما بهيمنة الإنسان على قطعة النقد الصغيرة التي تكون في قبضته ، ويشبه الاخرى بالورقة الملفوفة في يمينه ، ولا ريب أن قبضته تعالى كما يمينه ليستا بمعنى وجود جارحة لله سبحانه وانما هما رمز لقدرته وإرادته ، تعالى كما اليد رمز لقوة الإنسان ، وربّنا انما يستخدم التشبيهات المجازية لتقريب المعنى