الصور فيصعق بذلك كل الخلق في أقل من لحظة ، ولا يبقى أحد الا بعض من الناس والملائكة يحفظهم الله من ذلك النفخ ولعل من بينهم الشهداء.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ)
وبعد هذه النفخة تكون نفخة اخرى تدب بسببها الحياة في الجميع.
(ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ)
والنظر هنا ينصرف لأحد معنيين ، فاما أن يكون بمعنى النظر المتعارف حيث تموت بالنفخة الاولى كل حواس الإنسان ثم تعود لطبيعتها مرة اخرى ومن بينها حاسة النظر ، وأما يكون بمعنى الانتظار لأنهم في النفخة الثانية يستنهضون للجزاء فاما الى الجنة أو الى النار ، وهذا ما يجعل الجميع ينتظر الحكم الصادر بشأنه كقوله تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ). (٢)
ومن هذه الآية يتبين أيضا أن الناس يموتون مرتين ، مرة في الدنيا ومرة بعد الحساب عند النفخة الاولى ، وهذا بدوره يفسر قوله تعالى حكاية عن المشركين : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (٣)
كما يحتمل أن الموت في النفخة الاولى يخصّ الموجودين في حينها ممن لم يموتوا بعد ، بينما تشمل الحياة من النفخة الثانية الجميع.
[٦٩] وينقلنا السياق الى جانب آخر من يوم القيامة ، إذ تشرق الأرض بنور
__________________
(٢) النمل / (٣٥).
(٣) غافر / (١١).