الذنب) ولكنهم يعرضون بالرغم من تواتر الآيات ، وتراهم يبررون بخلهم بأنّه كيف ننفق على من لو شاء الله أطعمه (مما عكس فكرهم وقيمهم المادية) ويتساءلون باستهزاء : متى هذا الوعد بالجزاء (لماذا يتأخر) ان كنتم صادقين؟! (بلى. إنّه آت وماذا ينتظرون وماذا يستعجلون) ما ينتظرون إلّا صيحة واحدة تأخذهم وهم سادرون في بحر الجدل العقيم ، وهنالك لا يسمح لهم الوقت بالتوصية ، ولا هم يعودون الى أهلهم مرّة ثانية (ويبقون في عالم البرزخ حتى يوم النشور) فإذا نفخ في الصور فإذا هم يخرجون من القبور ، ويتوجهون الى ربهم (وبدل التساؤل المشوب بالسخرية تراهم) يقولون : يا ويلتنا من بعثنا من مرقدنا؟ (إنّه الله المقتدر فيعترفون ويقولون :) هذ ما وعد الرحمن (من النشور) وصدق المرسلون (حين أنذروا بذلك اليوم الرهيب) وهنالك الحكم العدل الذي يشمل كل الحاضرين (ويصوّر السياق بعض مشاهد الجزاء) فأصحاب الجنة في شغل فاكهون ، بينما يمتاز المجرمون الى النار ، ويحاكم الرب عبيده قائلا : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ)؟! هو عدوّكم ، وصراطه منحرف عن الصراط الإلهي المستقيم ، وإنّه قد أضلّ كثيرا منهم وأوردهم النار ، أفلا اعتبرتم بمصيرهم؟! واليوم أدخلوا جهنم تلك التي وعدتم إياها ، (وبعد أن يصوّر لنا جانبا من عذاب جهنم يقول :) ولو كنّا نريد لجزيناهم في الدنيا ، فطمسنا على أعينهم ومسخناهم (وفعلا يفعل الله ببعضهم فلا يقدرون منعه) فمن يطوّل عمره ينكّسه في الخلق. أفلا تعقلون (إنّه قادر على أن يصيبهم بمثل ذلك).
ويعطف القرآن الحديث عن الآخرة ـ بعد أن خشعت النفوس الطيبة بتصوير مشاهد منها ـ يعطفه الى ردّ شبهاتهم حول الرسول فيقول : وما علّمناه الشعر (ولا يتناسب حديثه والشعر أبدا) (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) ، ويهدف إنذار من يملك قلبا حيّا ، أمّا بالنسبة إلى غيرهم فلكي يتم الحجة عليهم (ويذكّرنا السياق بالتوحيد