الفقيه الرئيس أبو محمد المعلّى بن أحمد البيهقيّ (١)
هو جد القضاة الصّاعديّين بنيسابور من جانب الأم ، وكان من مفاخر بيهق ، ولد ونشأ في قرية كنبد من ربع زميج ، وعنه ورث قضاة نيسابور الضياع والأملاك ، وقد بقي منها بقية إلى الآن ، تولى رئاسة نيسابور مدة من الزمن ، وله آثار محمودة في ذلك الشغل الخطير.
ألّف الأفاضل في مدائحه [١٧٣] التصانيف.
قال سوري بن المعتز ـ الذي كان واليا على نيسابور ـ يوما على ملأ من الناس : لم أر من هو أكثر أريحية وعزة من المعلى البيهقيّ ، فقد أختلف إليّ زمنا طويلا كان في كل يوم يزورني ، فيأخذنا الانبساط ، ويبدأ بعرض مصالح المسلمين والشفاعة للمستضعفين عليّ ، إلا أنه لم يسمعني قط كلمة واحدة عن أشغاله هو.
كان للشيخ أبي منصور الثّعالبيّ معه مذاكرة وامتزاج ومؤانسة ومجالسة ، وقد ذكره كثيرا في تصانيفه.
روي عن الشيخ الفقيه الرئيس المعلى أنه قال : جلس مرة كردي وصائغ ومعلم وديلمي وعاشق في الصحراء ، وكان الجو قد لبس الرداء الأسود ، وفجأة طلع القمر مشرقا بشعاعه الذهبي على الأرض ، كانوا يجلسون وجها لوجه. فطلبوا إلى بعضهم أن يصف كل منهم ـ على سبيل التشبيه ـ القمر بقدر فهمه وخياله ، فتقدم الصائغ ـ لأن
__________________
(١) ترجم له الثّعالبيّ في اللطف واللطائف الذي ألفه بعد ٤٢٢ ه (مقدمة الدكتور الجادر ، ص ١١) وترحم عليه مما يعني وفاته قبل هذا التاريخ. وأثنى عليه كثيرا ولقبه بالكرديّ وقال إنه من محلة الأكراد بين ربع الشامات ورستاق بست من نيسابور تدعى «كل». ثم أورد واقعة وصف البدر المذكورة هنا ولكن بشكل مختصر مع اختلاف في أبطالها حيث نقل عن المعلى هذا قوله : «جمعت محلتنا ، كرديا وصائغا ومعلما وديلميا وحاسبا ومتفقها ...» (ص ٣٠).