قال أبو العباس : ما أظن التميمي يرضى بقولك ، ثم قال : ما تقول يا خالد؟ قال : إن أذنت لي في الكلام وأمنتني من الموجدة تكلمت ، قال : قد أذنت لك فتكلّم ولا تهب أحدا ، فقال :
أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم بغير علم ، ونطق بغير صواب ، فكيف يكون ما قال والقوم ليست لهم ألسن فصيحة ، ولا لغة صحيحة ، ولا حجّة نزل بها كتاب ، ولا جاءت بها سنّة ، وهم منا على منزلتين : إن جاروا عن قصدنا أكلوا ، وإن جازوا حكمنا قتلوا ، يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي (١) عليه ، ونفخر عليهم بخير الأنام ، وأكرم الكرام محمّد عليهالسلام ، ولله علينا المنة وعليهم ، لقد كانوا أتباعه ، فبه عزّوا وله أكرموا فمنا النبيّ المصطفى ، ومنا الخليفة المرتضى ، ولنا البيت المعمور والمشعر (٢) وزمزم والمقام والمنبر والركن والحطيم والمشاعر والحجابة ، والبطحاء مع ما لا يخفى من المآثر ولا يدرك من المفاخر ، وليس يعدل بنا عادل ، ولا يبلغ فضلنا قول قائل ، ومنا الصّدّيق والفاروق والرضي (٣) وأسد الله سيد الشهداء (٤) وذو الجناحين (٥) ، وسيف [الله](٦) ، وبنا عرفوا الدين وأتاهم اليقين فمن زاحمنا زاحمناه ، ومن عادانا اصطلمناه.
ثم التفت فقال : أعالم أنت بلغة قومك؟ قال : نعم ، قال : فما اسم العين؟ قال : الحجمة ، قال : فما اسم السن؟ قال : الميدن (٧) ، قال : فما اسم الأذن؟ قال : الصّنّارة ، قال : فما اسم الأصابع؟ قال : الشناتر ، قال : فما اسم اللحية؟ قال : الزبّ؟ قال : فما اسم الذئب؟ قال : الكتع ، قال : فقال له أفمؤمن أنت بكتاب الله؟ قال : نعم ، قال : فإن الله تعالى يقول : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٨) وقال (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ
__________________
(١) بالأصل : سيأتي ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) الجليس الصالح : والمسعى.
(٣) الجليس الصالح وابن العديم : والوصي.
(٤) هو حمزة بن عبد المطلب ، عم النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٥) هو جعفر بن أبي طالب ، أخو علي بن أبي طالب رضياللهعنهم.
(٦) سقط لفظ الجلالة من الأصل واستدرك عن الجليس الصالح ، وهو خالد بن الوليد.
(٧) الجليس الصالح : «الميزم» وفي ابن العديم : «البدن».
(٨) سورة يوسف ، الآية : ٢.