صفوان : أحسن الكلام ما لم يكن بالبدوي المغرف بالقوي المخدج ، ولكن ما شرفت مبانيه وظرفت معانيه ولذ على أفواه القائلين وحسن في آذان السامعين ، وازداد حسنا على ممر السنين تحتجنه الرواة وتقتنيه السراة ، وقال المبرد : وقال خالد بن صفوان لوال دخل عليه : قدمت فأعطيت كلّا بقسطه من نظرك ومجلسك ، وصلاته وعدلك حتى كأنك من كل أحد ، وكأنك لست من أحد.
أخبرنا أبو العز السّلمي ـ مناولة وإذنا ، وقرأ عليّ الإسناد ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي (١) ، أنا أحمد بن العباس العسكري ، نا عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني أبو جعفر محمّد بن إبراهيم بن يعقوب بن داود ، نا الهيثم بن عدي ، قال : كان أبو العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال ، فحضره ذات ليلة في سمره إبراهيم بن مخرمة الكندي وناس من بني الحارث بن كعب ، وهم أخواله ، وخالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضر واليمن ، فقال إبراهيم : يا أمير المؤمنين إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا ، وكانت لهم القرى ، ولم يزالوا ملوكا أربابا ورثوا دلك كابرا عن كابر ، أولا عن آخر ، منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة ، ومنهم من حمت لحمه الدّبر (٢) ، ومنهم غسيل الملائكة (٣) ، ومنهم من اهتزّ لموته العرش (٤) ، ومنهم مكلّم الذئب (٥) ، ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة (٦) غصبا وليس شيء له خطر إلّا وإليهم ينسب من فرس رابع ، أو سيف قاطع أو درع حصينة ، أو حلّة مصونة ، أو درّة مكنونة ، إن سئلوا أعطوا ، وإن سيموا أبوا ، وإن نزل بهم ضيف قروا ، لا يبلغهم مكاثر ، ولا ينالهم مفاخر ، هم العرب العاربة وغيرهم المتعربة.
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٤٢ ـ ٤٤ والموفقيات ص ١٢١ وبغية الطلب ٧ / ٣٠٥٠ وباختصار في عيون الأخبار ١ / ٢١٧ والبيان والتبيين ١ / ٣٣٩.
(٢) يعني عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قتل يوم الرجيع (انظر سيرة ابن هشام).
(٣) غسيل الملائكة هو حنظلة بن أبي عامر ، استشهد يوم أحد (سيرة ابن هشام ، الإصابة).
(٤) سعد بن معاذ الذي اهتز لموته العرش.
(٥) رجل من خزاعة على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم (انظر خبره في دلائل النبوة للبيهقي) ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٣١٨.
(٦) قيل اسمه الجلندي وقيل هو دبدد وقيل غير ذلك.