تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار ، إنه من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وأكرم الناس من أعطى من لا يرجوه ، ومن عفا عن قدرة ، وأوصل الناس من وصل من قطعه ، وما لم يطب حرثه لم يزك نبته ، والفروع عند مغارسها تنمو (١) وبأصولها تسمو.
أنبأنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن أبي عقيل الكرجي ، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن نصر الدّينوري اللّبّان بالأهواز ، نا محمّد بن محمّد المقرئ ، نا أحمد بن الحسن الصّيدلاني ، نا أحمد بن محمّد بن علي بن بحر ، نا أبو محمّد عبد الله بن محمّد النحوي ، نا محمّد بن حبيب ، نا الأصمعي ، قال : كان خالد القسري يقول في خطبته : يا أيها الناس تنافسوا في المكارم ، وسابقوا ـ يعني إلى الخيرات ـ واشتروا الحمد بالجود ، ولا تكسبوا بالمطل ذما ، ومهما كانت لأحد منكم عند أحد يد ثم لم يبلغ شكرها فالله عزوجل أكمل لها أجرا ، وأفضل لها عطاء.
يا أيها الناس إن حوائج الناس إليكم نعم من الله عزوجل عليكم ، فلا تملوا النعم فتحول نقما ، واعلموا أن خير المال ما أكسب حمد وأورث ذخرا.
يا أيها الناس من جاد ساد ، ومن بخل ذلّ ، ولو رأيتم المعروف رجلا لرأيتموه بهيا جميلا يسر الناظرين ويفوق العالمين ، ولو رأيتم البخل رجلا لرأيتموه قبيحا مشوها تغض منه الأبصار وتقصر دونه القلوب.
أيها الناس ، أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه وإن أفضل الناس من عفا عن قدرة ، والأصول عن مغارسها تنمو (٢) وبفروعها تزكو.
قرأنا على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البنّا ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن محمّد بن العباس الخزّاز ، أنا أبو الطّيّب محمّد بن القاسم الكوكبي ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا محمّد بن يزيد ـ يعني الرفاعي ـ قال : سمعت أبا بكر بن عياش يقول : رأيت خالد بن عبد الله القسري حين أتي بالمغيرة وأصحابه ، وقد وضع له سرير في المسجد فجلس عليه ، ثم أمر برجل من أصحابه فضربت عنقه ثم قال للمغيرة بن سعد (٣) أحيه
__________________
(١) الأصل وم : تنمي.
(٢) الأصل : تني وفي م : تنمي.
(٣) سير الأعلام : سعيد.