هاهنا يشرب اللبن من علة به.
قال : فدخلت الكوفة وكانت الثلاثون الألف أكبر همنا ، فما حدّثنا أنفسنا بشيء بعدها. ولم نعبأ بالرقعة الثانية ، وقد حملناها على حال لأن طريقنا إلى الحميمة من الشام على تلك القرية فقضينا حوائجنا بالكوفة وتبيتنا ، وتجهزنا أحسن جهاز واكترينا ظهرا قويا وخرجنا نريد الشام.
فلما كنا بقرب القرية التي قال لنا وكيله : القوا الوكيل الآخر بها ، قال لي المولى : لم لا تلقى وكيل الشيخ بهذه الرقعة التي معنا ، فلعله قد أمر لنا بتتمة المائة ألف درهم التي صكّ لنا بها [إلى وكيله](١) الأول فقلت : نحن نرضى ببعضها. ومضى مولاي فطلب وكيله فدفع الرقعة (٢) إليه فوافانا ببرّ كثير وبزّ وهدايا وطرف ، وزوّدنا من ذلك ، وقال : [إن رأيتم](٣) أن تحسنوا وتحملوا وتقبضوا المال مني هاهنا فإني مشغول عن حمله معكم ، ولكني (٤) أوجه معكم من يخفركم إلى مأمنكم فافعلوا ، قلنا : وكم مالنا؟ قال : أمرني أن أدفع إليكم مائة ألف درهم ، وأحملها معكم إلى منازلكم. فقلنا : احضرها فأحضرها ، ووكل بنا قوما خفرونا حتى رجعنا إلى أهلنا.
يا ابن عياش فما جزاء ولد من هذا فعله؟ فقلت : أمير المؤمنين أعلى عينا بكل جميل ، ومثله عفا عن السوءى (٥) وكافأ بالحسنى ، ثم قرأ الرقعة ، ووقع بها بردّ ضياعهم وأموالهم عليهم ، وكان ذلك شيئا كثيرا وأمر بتعجيله.
قال : فردّ عليهم مال جليل القدر ورباع ومستغلات.
وكان سبب سخطه على (٦) محمّد بن خالد بن عبد الله القسري أنه حين ولّاه المدينة تقدّم إليه في أخذ محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن بن حسن حتى ينفذهما إليه موثقين أو بقتلهما فقصر محمّد بن خالد حتى عزل ، وخرجا عليه ، فحقد ذلك عليه أبو جعفر ، فعزله واستصفى أموالهم.
__________________
(١) كلمة مطموسة بالأصل والمثبت عن م.
(٢) مطموسة بالأصل ، والمثبت عن م.
(٣) اللفظتان مطموستان بالأصل ، والذي استدرك بين معكوفتين عن م.
(٤) مطموسة بالأصل والمثبت عن م.
(٥) بالأصل «السرى» كذا ، والمثبت عن م.
(٦) بالاصل «عن» والصواب عن م.