أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القرشي ، أنا أبو القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم التّنّيسي القاضي ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، نا عبد الرّحمن ـ يعني ابن أخي الأصمعي ـ ، عن عمه ، عن يونس ـ يعني ابن حبيب النحوي ـ ، قال : دخل أعراب على خالد بن عبد الله فأنشدوه ، وفيهم رجل ساكت لا ينطق ، ثم قال لخالد : ما يمنعني من إنشادك إلّا قلة ما قلت فيك من الشعر ، فأمره أن يكتب في رقعة فكتب :
تعرّضت لي بالجود حتى نغشتني |
|
وأعطيتني حتى حسبتك تلعب |
فأنت النّدى وابن النّدى وأخو النّدى |
|
حليف النّدى ما للنّدى عنك مذهب |
فأمر له بخمسين ألف درهم.
وقام آخر فقال : أصلحك الله قد قلت فيك بيتين ولست أنشدهما حتى تعطيني قيمتهما ، قال : وكم قيمتهما قال : عشرون ألفا ، فأمر له بها ثم أنشده :
قد كان آدم قبل حين وفاته |
|
أوصاك وهو يجود بالحوباء |
ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم |
|
فكفيت آدم عيلة الأبناء |
فأمر له بعشرين ألف أخرى وجلده خمسين جلدة ، وأمر أن ينادى هذا جزاء من لا يحسن قيمة الشعر (١).
قال : ونا أبو بكر ، نا عبد الرّحمن ، أخبرني عمي ، قال : كتب أعرابي إلى خالد بن عبد الله القسري :
نفسي تجلك أن تبثّك ما بها |
|
لا يزرين بها لديك حياؤها |
إنّي أتيتك حين ضنّ معارفي |
|
ولرب معرفة يقل غناؤها |
فافعل بها المعروف إنّك ماجد |
|
فليأتينك شكرها وثناؤها |
فأمر له بعشرة آلاف.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ فيما ناولني إياه ، وقرأ عليّ إسناده ، وقال : اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٢) ، نا الحسين بن
__________________
(١) انظر سير أعلام النبلاء ٥ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩.
(٢) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٤٧ ـ ٤٩.