فكتب الحجاج إلى عبد الملك بما كان منه ، وقدم خالد الشام فسأل عن وزير عبد الملك فقيل له : روح بن زنباع فأتاه حين طلعت الشمس ، فقال : إني جئتك مستجيرا ، فقال : قد أجرتك إلّا أن تكون خالدا قال : فأنا خالد فتغيّر ، وقال : أنشدك الله إلّا خرجت عني ، فإني لا آمن عبد الملك فقال : انظرني [حتى](١) تغرب الشمس ، فجعل روح يراعيها حتى خرج خالد.
فأتى زفر بن الحارث الكلابي فقال : إني جئتك مستجيرا ، قال : قد أجرتك ، قال : إني خالد بن عتّاب ، قال : وإن كنت خالدا.
فلما أصبح دعا ابنين له فتهادى بينهما وقد أسنّ ، فدخل على عبد الملك وقد أذن للناس ، فلما رآه دعا (٢) له بكرسي فوضع عند رأسه (٣) ، فجلس ، ثم قال : يا أمير المؤمنين إني قد أجرت عليك رجلا ، فأجره قال : قد أجرته إلّا أن يكون خالدا ، قال : فهو خالد ، قال : لا ولا كرامة ، فقال زفر لا بنيه : أنهضاني.
فلما ولّى قال : يا عبد الملك ، والله لو كنت تعلم أن يدي تطيق حمل القناة ورأس الجواد لأجرت من أجرت فضحك وقال : يا أبا الهذيل ، قد أجرناه ، فلا أرينّه ، وأرسل إلى خالد بألفي درهم ، فأخذها ، ودفع إلى رسوله أربعة آلاف.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ فيما قرأ عليّ إسناده وأذن لي في روايته ، وناولني إياه ـ أنا محمّد بن الحسين الجازري ، أنا المعافى بن زكريا (٤) ، نا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، أنا أبو عثمان عن التّوّزي ، عن أبي عبيدة ، قال : خطب عتّاب بن ورقاء الرّياحي على المنبر ، فقال : أقول كما قال الله عزوجل في كتابه :
ليس شيء على المنون بباقي |
|
غير وجه المسبّح الخلّاق |
فقيل له : أيها الأمير ، هذا قول عدي بن زيد (٥) فقال : فنعم والله ما قال عدي بن زيد.
__________________
(١) زيادة عن الأغاني للإيضاح.
(٢) عن هامش الأصل ، وبجانبها كلمة صح.
(٣) الأغاني : فراشه.
(٤) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٣٦٥.
(٥) البيت في ديوانه ص ١٥٠ والأغاني ٢ / ١١٣.