الزّبير بن بكّار ، حدّثني محمد بن سلام ، حدّثني محمد بن حفص التيمي ، قال : لما كانت الهدنة (١) بين النبي صلىاللهعليهوسلم وبين قريش ووضعت الحرب ، خرج عمرو بن العاص إلى النجاشي يكيد أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكانت له منه ناحية ، فقال له : يا عمرو تكلّمني في رجل يأتيه الناموس (٢) ، كما كان يأتي موسى بن عمران ، قال : قلت : وكذاك هو أيها الملك؟ قال : نعم ، قال : فأنا أبايعك له فبايعه على الإسلام ، ثم قدم مكّة فلقي خالد بن الوليد بن المغيرة ، فقال له : ما رأيك؟ قال : لقد استقام الميسم والرجل نبي ، قال : فأنا أريده ، قال : وأنا معك ، قال له عثمان بن طلحة بن أبي طلحة : وأنا معك ، فقدموا على النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة.
قال : ونا الزبير ، قال محمد بن سلام : قال لي أبان بن عثمان : فقال عمرو بن العاص : فكنت أسن منهما ، فقدمتهما لأستدبر أمرهما ، فبايعا على أن لهما ما تقدم من ذنوبهما فأضمرت أن أبايعه على أن لي ما تقدم وما تأخر ، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدم نسيت ما تأخر ، قال محمد بن سلام : قال محمد بن حفص ، قال ابن الزبعرى (٣) :
أنشد عثمان بن طلحة حلفنا |
|
وملقى نعال القوم عند المقبّل (٤) |
وما عقد الآباء من كل حلفة |
|
وما خالد من مثلها بمحلّل |
أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي |
|
وما تبتغي (٥) عن مجد بيت مؤثّل |
قال : وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله ، ومحمد بن الضحاك هذا الشعر فخالفا به في الألفاظ ، قال : وقال عمي مصعب بن عبد الله : أقبل عمرو بن العاص من عند النجاشي فلقي عثمان بن طلحة ، وخالد بن الوليد بالهدّة (٦) يريدان الهجرة ، فمضى معهما إلى النبي صلىاللهعليهوسلم (٧).
__________________
(١) يعني صلح الحديبية.
(٢) جبريل عليهالسلام ، وكذا يسميه أهل الكتاب (اللسان : نمس) ، وفي القاموس : صاحب السر ، وجبريل صلىاللهعليهوسلم.
(٣) الأبيات في سيرة ابن هشام ٣ / ٢٩١.
(٤) يريد بالمقبل ، موضع تقبيل الحجر الأسود.
(٥) ابن هشام : وما يبتغي من مجد.
(٦) كذا بالأصل ، وفي ياقوت : الهدأة ، وهي موضع بين عسفان ومكّة.
(٧) الخبر نقله ابن العديم ٧ / ٣١٢٦ ـ ٣١٢٧.