أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد ، قالت : أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو الطيب محمد بن جعفر ، نا عبيد الله بن سعد ، نا أبي ، نا عمي ، عن ابن إسحاق (١) ، حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس ، عن حبيب ، حدّثني عمرو بن العاص من فيه قال : خرجت عامدا (٢) لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبل الفتح وهو مقبل من مكّة ، فقلت : أين يا أبا سليمان؟ قال : والله لقد استقام الميسم (٣) وإن الرجل لنبي ، أذهب والله أسلم فحتى متى؟ فقلت وأنا والله ما جئت إلّا لأسلم. فقدمنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ، ثم دنوت فبايعته ثم انصرفت.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر محمد بن العباس ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمد بن شجاع ، نا محمد بن عمر الواقدي (٤) ، قال : فحدّثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام ، قال : سمعت أبي يحدّث يقول : قال خالد بن الوليد : لما أراد الله بي من الخير ما أراد ، قذف في قلبي حب الإسلام ، وحضرني رشدي ، وقلت : قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد ، فليس موطن أشهده إلّا وأنصرف وإني أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا سيظهر ، فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الحديبية خرجت في خيل المشركين ، فلقيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أصحابه بعسفان (٥) فقمت بازائه وتعرضت له ، فصلّى بأصحابه الظهر آمنا منا فهممنا أن نغير عليه ، ثم لم يعزم لنا ، وكانت فيه خيرة ، فاطّلع على ما في أنفسنا من الهموم به ، فصلّى بأصحابه العصر صلاة الخوف فوقع ذلك مني موقعا ، وقلت : الرجل ممنوع ، وافترقنا وعدل عن سنن خيلنا (٦) وأخذ ذات
__________________
(١) الخبر في سيرة ابن هشام ٣ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠.
(٢) رسمها غير واضح بالأصل وم والمثبت عن ابن هشام.
(٣) كذا بالأصل ، وفي شرح السيرة لأبي ذر : المنسم بالنون ، وقال أبو ذر : ومعناه تبين الطريق ووضح ، وأصل المنسم : خف البعير ، ومن رواه الميسم ، فهو الحديدة التي توسم بها الإبل وغيرها ، والمنسم ، بالنون ، هو الصواب».
(٤) مغازي الواقدي ٢ / ٧٤٥ وما بعدها.
(٥) عسفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكّة ، وهي من مكة على مرحلتين (ياقوت).
(٦) أي عن وجهنا.