اليمين ، فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالراح (١) قلت في نفسي : أي شيء بقي ، أين المذهب؟ إلى النجاشي؟ فقد اتّبع محمدا (٢) وأصحابه آمنون عنده ، فأخرج إلى هرقل؟ فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية ، فأقيم مع عجم تابع أو أقيم في داري فمن بقي؟ فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في عمرة القضيّة وتغيبت فلم أشهد دخوله ، وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلىاللهعليهوسلم في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني فكتب إليّ كتابا فإذا فيه :
بسم الله الرّحمن الرحيم.
أما بعد ، فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام ، وعقلك عقلك ، ومثل الإسلام جهله أحد ، وقد سألني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أين خالد؟ فقلت : يأتي الله به ، فقال : ما مثل خالد جهل الإسلام ، ولو كان جعل نكايته وحدّه مع المسلمين على المشركين لكان خيرا له ، ولقدّمناه على غيره ، فاستدرك يا أخي ما فاتك منه ، فقد فاتتك مواطن صالحة ، قال : فلما جاءني كتابه نشطت للخروج ، وزادني رغبة في الإسلام ، وسرّني مقالة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال خالد : وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة جديبة ، فخرجت إلى بلد أخضر واسع ، فقلت : إن هذه لرؤيا فلما قدمت المدينة قلت : لأذكرنها لأبي بكر ، قال : فذكرتها ، فقال : هو مخرجك الذي هداك الله للإسلام ، والضيق الذي كنت فيه الشرك ، فلما أجمعت (٣) الخروج إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلت : من أصاحب إلى محمد؟ فلقيت صفوان بن أمية ، فقلت : يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن أكلة رأس (٤) وقد ظهر محمد على العرب والعجم ، فلو قدمنا على [محمد فا](٥) تّبعناه فإن شرف محمد لنا شرف ، فأبى أشد الإباء وقال : لو لم يبق غيري من قريش ما اتّبعته أبدا فافترقنا ، وقلت : هذا رجل موتور يطلب وترا ، قتل أبوه وأخوه ببدر.
__________________
(١) كذا بالأصل وم وفي الواقدي : «بالرواح» ، وهو نقيض الصباح.
(٢) الأصل : محمد والمثبت عن م.
(٣) الأصل : «اجتمعت» والمثبت عن مغازي الواقدي وم.
(٤) أي هم قليل ، يشبعهم رأس واحد ، وهو جمع آكل.
(٥) ما بين معكوفتين بياض مكانه بالأصل والذي استدركناه عن مغازي الواقدي وم.