أصحابه ، وشهد الأعراب أنهم لم يأذنوا ولم يقيموا ولم يصلوا ، وجاءت أم تميم كاشفة وجهها حتى أكبّت على مالك ـ وكانت أجمل الناس ـ فقال لها : إليك عني فقد والله قتلتني. فأمر بضرب أعناقهم ، فقام إليه أبو قتادة فناشده فيه وفيهم ، ونهاه عنه وعنهم فلم يلتفت إليه وركب أبو قتادة فرسه فلحق بأبي بكر ، وحلف لا يسير في جيش وهو تحت لواء خالد. فأخبره الخبر وقال : ترك قولي وأخذ بشهادة الأعراب الذين فتنتهم الغنائم ، فقال عمر : إن في سيف الله خالد رهقا (١) ، وإن يكن هذا حقا فعليك أن تقيده ، فسكت عنه أبو بكر.
قال : ونا سيف ، عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن محمّد ، قال : ألحّ عمر على أبي بكر في أمر خالد وكتب إليه بالقدوم للذي ذكروا أنه أتى لينظر في ذلك ، وأمره أن يخلف على الجيش رجلا ، فخلف عليهم خالد بن فلان المخزومي ، فقدم ولا يشك الناس في أنه معزول وأنه معاقب وجعل عمر يقول : عدا عدو الله على امرئ مسلم فقتله ، ونزا على امرأته.
أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عقبة (٢) بن جبيرة ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، قال : وحدّثني محمّد بن عبد الله ، عن الزّهري ، قال : وحدّثني أسامة بن زيد الليثي ، عن الزّهري ، عن حنظلة بن علي الأسلمي ، قال : وحدّثني مسلمة بن عبد الله بن عروة ، عن أبيه [قال] : دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا : لما ارتدّ من ارتدّ من العرب ، وامتنعوا من الصدقة شاور أبو بكر الصديق في غزوهم وقتالهم ، فأجمع البعثة إليهم ، وخرج هو نفسه إلى قناة (٣) فعسكر بها ، وأظهر أنه يريد غزوهم بنفسه ليبلغهم ذلك ، فيكون أهيب لهم ، ثم سار من قناة في مائة من المهاجرين ، وخالد بن الوليد يحمل لواءه حتى نزل نقعا ـ وهو ذو القصة (٤) ـ وأراد أن يتلاحق به الناس ويكون أسرع لخروجهم ، فلما تلاحقوا به استعمل خالد بن الوليد عليهم وأمره أن يسير إلى أهل الردة فيقاتلهم على خمس خصال : شهادة
__________________
(١) عن الطبري وبالأصل «رهقان».
(٢) ابن العديم : عتبة.
(٣) قناة : واد بالمدينة (ياقوت).
(٤) ذو القصة : موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا (ياقوت).