ساعة فولّى المسلمون مدبرين ، فنكس خالد بن الوليد ساعة ينظر في الأرض وأنا بينه وبين البراء بن مالك ، ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء ساعة وكان إذا حز به أمر نظر إلى الأرض ساعة ثم نظر إلى السماء ساعة ثم يفرق له رأيه.
قال : وأخذ البراء (ـ) (١) فجعلت (ـ) (٢) فخذه إلى الأرض فقال : يا أخي والله إني لأفكر ، فلما رفع خالد رأسه إلى السماء وفرق له رأيه ، قال : يا براء قم ، قال : الآن؟ قال : نعم الآن ، فركب البراء فرسا له أنثى فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس إنها والله الجنة وما إلى المدينة من سبيل فحضّهم ساعة ، ثم بضع بضعات (٣) فكأني أنظر إليها تمصع (٤) بذنبها فكبس عليهم وكبس الناس فهزم الله المشركين.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، قال (٥) : قالوا : ووافى خالدا (٦) كتاب أبي بكر بالحيرة منصرفه من حجّه : أن سرّ حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك ، فإنهم قد شجوا وأشجّوا ، وإياك أن تعود لمثل ما فعلت ، فإنه لم تشج المجموع من الناس بعون الله شجاك (٧) ولم ينزع الشجا بعون الله نزعك (٨) ، وليهنك البيعة أبا سليمان والحظوة ، فأتمم يتم الله لك ، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل ، وإياك أن تدلّ بعمل ، فإن الله ولي المنّ ، وهو ولي الجزاء.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، قال : ذكر حسان بن عبد الله ، عن ابن لهيعة ، نا أبو الأسود ، عن عروة ، قال : فلما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة جاءه كتاب من أبي بكر الصديق يأمره بالمسير إلى الشام فيمدّ أهل الإسلام ، فمضى خالد على
__________________
(١) كلمة غير واضحة بالأصل تركنا مكانها بياضا وفي م : «وأخذ البراء فكان فجعلت أطف» كذا.
(٢) كلمة غير واضحة بالأصل تركنا مكانها بياضا وفي م : «وأخذ البراء فكان فجعلت أطف» كذا.
(٣) كذا بالأصل وفي م : ثم مصع فرسه مصعات.
(٤) مصعب الدابة بذنبها حركته وضربت به.
(٥) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٣٨٤ حوادث سنة ١٢.
(٦) بالأصل : خالد والمثبت عن م.
(٧) مهملة بالأصل ، والمثبت عن الطبري وفي م : سخيك.
(٨) في الطبري : ولم ينزع الشجى من الناس نزعك.