تعالى قد حرّم ظاهر الخمر وباطنها ، وحرّم ظاهر الإثم وباطنه وقد حرّم مس الخمر إلّا أن يغسل كما حرم شربها ، فلا تمسّوها أجسادكم فإنها نجس ، وإن فعلتم فلا تعودوا ، فكتب إليه خالد : إنا قتلناها (١) فعادت غسولا غير خمر ، فكتب إليه عمر : إني لأظن آل المغيرة قد ابتلوا بالجفاء ، فلا أماتكم الله عليه فانتهى لذلك.
وقال خالد في ذلك (٢) :
سهّل أبا حفص فإن لديننا (٣) |
|
شرائع لا يشقى بهن المسهّل |
أنجست في الخمر الغسول ولا ترى |
|
من الخمر تثقيف المحيل المحلّل |
وهل يشبهن طعم الغسول وذوقه |
|
حميّا الخمور والخمور تسلسل؟ |
قال : ونا سيف ، عن الربيع وأبي عثمان ، وأبي حارثة ، قالوا (٤) : وأدرب سنة سبع عشرة خالد وعياض فسارا فأصابا أمرا عظيما (٥) ، وكان توجها من الجابية مرجع عمر إلى المدينة ، وعلى حمص أبو عبيدة ، وخالد تحت يديه على قنّسرين ، وعلى دمشق يزيد بن أبي سفيان ، وعلى الأردن معاوية ، وعلى فلسطين علقمة بن مجزز (٦) ، وعلى الأهراء عمرو بن عبسة ، وعلى السواحل عبد الله بن قيس ، وعلى كلّ عمل عامل ، فقامت مسالح الشام ومصر والعراق على ذلك إلى اليوم ، لم يجاز أمة إلى أخرى خلفها بعد ، إلّا أن يقتحموا عليهم بعد كفر منهم ، فتقدموا مسالحهم ، واعتدل ذلك سنة سبع عشرة.
قال : ونا سيف عن أبي المجالد ، والربيع وأبي عثمان ، وأبي حارثة بإسنادهم ، قالوا (٧) : ولما قفل خالد وبلغ الناس ما أصابت تلك الصائفة انتجعه رجال ، فانتجع خالدا رجال من أهل الآفاق ، وكان الأشعث انتجع خالدا بقنّسرين ، فأجازه بعشرة آلاف ، وكان عمر لا يخفى عليه شيء في عمله ، فكتب إليه من العراق بخروج من خرج منها ، ومن الشام بجائزة من أجيز فيها ، فدعا البريد وكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم
__________________
(١) يعني جعلناها أشبه بالماء.
(٢) الأبيات في بغية الطلب ٧ / ٣١٥٩.
(٣) في بغية الطلب : لدينا.
(٤) الخبر في الطبري ط بيروت ٢ / ٤٩١ حوادث سنة ١٧.
(٥) الطبري : أموالا عظيمة.
(٦) عن الطبري وبالأصل «محرز» وفي م : محزر.
(٧) المصدر نفسه.