بعد أن مات خالد بن الوليد وعمر فيما بين قديد (١) وعسفان (٢) يقول : ـ وذكر خالدا وموته ـ فقال : قد ثلم في الإسلام ثلمة لا ترتق ، فقلت : يا أمير المؤمنين لم يك رأيك فيه في حياته على هذا؟ قال : ندمت على ما كان مني إليه (٣).
قال : ونا محمّد بن عمر ، وحدّثني غير يزيد بن عبد الملك ، قال : حجّ عمر بن الخطاب ومعه زبيد بن الصلت ، وكان كثيرا ما يسايره ، قال : فعرّسنا من الليل بأسفل ثنية غزال (٤) فجعلت الرفاق تمر من الشام يذكرون خالد بن الوليد بعد موته ويقول راجزهم :
إذا رأيت خالدا تجفّفا |
|
وكان بين الأعجمين منصفا |
وهبت الريح شمالا حرجفا (٥) |
قال : فجعل عمر يترحم عليه ، فقال له زبيد : ما وجدت مثلك ومثله إلّا كما قال الشاعر :
لا أعرفنك بعد الموت تندبني |
|
وفي حياتي ما زوّدتني زادا (٦) |
فقال عمر : لا تقل ذلك ، فو الله ما نقمت على خالد في شيء إلّا في إعطائه المال ، والله ليته بقي ما بقي بالحمى حجر.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن (٧) ، أنا محمّد بن علي ، أنا محمّد بن أحمد ، أنا الأحوص بن المفضّل بن غسان ، أنا أبي ، حدّثني سعيد بن عامر ، أنا جويرية ولا أعلمه إلّا عن نافع ، قال : لما مات خالد بن الوليد لم يوجد له إلّا فرسه وغلامه وسلاحه ، فقال عمر : رحم الله أبا سليمان إنّا كنا لنظنه على غير هذا (٨).
أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر الخزّاز ، أنا
__________________
(١) تقدم التعريف بها.
(٢) تقدم التعريف بها.
(٣) الخبر في بغية الطلب ٧ / ٣١٦٧.
(٤) واد لخزاعة ليس بعيدا عن مكّة (معجم البلدان).
(٥) مرّ الأول قريبا ، والرجز في نسب قريش ص ٣٢١ وزيد فيه شطر رابع.
(٦) وتقرأ أيضا بالأصل : زادي. ورسمها : «زادى» كذا.
(٧) ابن العديم : الحسين.
(٨) بغية الطلب ٧ / ٣١٦٨.