قال : فدخلت المدينة ، ودخلت يوم الجمعة فاطلعت في المسجد فخرج إليّ أبو بكر الصّدّيق ، فقال : ادخل رحمك الله ، فإنه قد بلغنا إسلامك ، قلت : لا أحسن الطهور ، فعلّمني ، فدخلت المسجد فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر يخطب كأنه البدر وهو يقول : «ما من مسلم توضّأ فأحسن الوضوء ثم صلّى صلاة يحفظها ويعقلها إلّا دخل الجنة» ، فقال لي عمر بن الخطاب : لتأتين على هذا ببيّنة أو لأنكلنّ (١) بك ، فشهد لي شيخ قريش عثمان بن عفان فأجاز شهادته (٢) [٣٩٤٩].
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون المعدّل ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا المنجاب بن الحارث ، أنا أبو عامر الأسدي ، عن ابن سمعان المديني ، قال : قد أسنده ، قال المنجاب : وأخبرني أيضا بعض أصحابنا وهو خلّاد الأحول ، عن قيس بن الربيع الأسدي ، قال : قال خريم بن الفاتك الأسدي (٣) : إني أضللت إبلا لي فخرجت في طلبها حتى إذا كنت بأبرق العزّاف (٤) وهو واد لا يتوارى جنّه ، وأجنني الليل أنخت راحلتي وعقلتها ، ثم قلت : أعوذ بعظيم هذا الوادي ، أعوذ بسيد هذا الوادي ، قال ابن سمعان : وهو قول الله عزوجل : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً)(٥) قال : فإذا هاتف يهتف بي لا أراه وهو يقول :
ويحك عذ بالله ذي الجلال |
|
والمجد والنعماء والإفضال |
ووحد الله ولا تبال |
|
ما هوّل الجن من الأهوال |
قال : فاستويت جالسا واقشعر جلدي وأفزعني ، فقلت :
يا أيها الهاتف ما تقول |
|
أرشد عندك أم تضليل |
أبن لنا هديت ما الحويل (٦) |
__________________
(١) الكلمة غير واضحة بالأصل والمثبت عن دلائل أبي نعيم وابن العديم.
(٢) الخبر نقله بهذا السند ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٢٩ ـ ٣٢٣٠.
(٣) بعدها في ابن العديم : كان بدو إسلامي أني أضللت ...
(٤) مرّ «العذاب» وفي ابن العديم «الغراف» وفيه هنا «العراف» والذي بالأصل هنا «العزاف» يوافق عبارة ياقوت الحموي. ودلائل أبي نعيم الأصبهاني.
(٥) سورة الجن ، الآية : ٦.
(٦) في دلائل أبي نعيم ١ / ١١١ ما العويل.