فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي ، فباعني ، وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلده لا لحم له ولا عظم ، يتقعقع (١) ، فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ، ولم أعلم ، قال : لا بأس ، أحسنت وأبقيت ، فقال الرجل : بأبي وأمي يا نبي الله ، أحكم في أهلي ومالي بما أراك الله أو أخيّرك ، فأخلي سبيلك ، فقال : أحب إليّ أن يخلى سبيلي فأعبد ربي تعالى ، فخلّى سبيله ، فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها (٢) [٣٩٩٢].
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السّلمي ، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد السّلمي ، أنا جدي أبو بكر محمّد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد ، أنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن إسماعيل التميمي ، نا أبو عامر موسى بن عامر ، نا الوليد بن مسلم ، نا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن مجاهد ، عن عبد الله ، قال : حدّثني أبيّ بن كعب قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة ، فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ قال : ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها ، وكان بدو ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل وكان ممره براهب في صومعة فتطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام ، وأخذ عليه أن لا يعلمه أحدا ثم ان أباه زوّجه امرأة فعلّمها الإسلام ، وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا ، ثم طلّقها ، فأفشت عليه إحداهما وكتمت الأخرى ، فخرج هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فرآه رجلان فأفشى عليه أحدهما وكتم الآخر ، فقيل له : ومن رآه معك؟ قال : فلان ، وكان في دينهم أن من كذب قتل ، فسئل فكتم فقتل الذي أفشى عليه ، ثم تزوج الكاتم عليه المرأة الكاتمة ، فبينا هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها ، فقالت : تعس فرعون ، فأخبرت الجارية أباها ، فأرسل إلى المرأة وابنها وزوجها ، فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم ، فأبوا ، فقال : إني قاتلكم ، قالوا : احمينا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد ، فقتلهم وجعلهم في قبر واحد» ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما شممت رائحة أطيب منها ، وقد دخلت الجنة» [٣٩٩٣].
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله فيما قرأ علي إسناده ، وناولني إياه ، وقال اروه
__________________
(١) ابن العديم : ولا لحم إلّا عظم يتقعقع.
(٢) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٢٩٩ ـ ٣٣٠٠ مع بعض اختلاف وهو بحرفيته في مختصر ابن منظور ٨ / ٦٢ ـ ٦٣.