عني ، أنا محمّد بن الحسين أنا (١) المعافي بن زكريا القاضي (٢) ، نا أبو بكر بن أبي داود ، نا حسين بن علي بن مهران ، نا عامر بن فرات ، عن أسباط عن السّدّي ، قال : كان مالك (٣) وكان له ابن يقال له الخضر وإلياس أخوه ـ أو كما قال ـ فقال إلياس (٤) للملك : إنك قد كبرت وابنك الخضر ليس يدخل في ملكك ، فلو زوّجته لكي يكون ولده ملكا بعدك؟ فقال له : يا بني تزوّج ، قال : لا أريد ، قال : لا بد لك ، قال : فزوّجني. فزوجه امرأة بكرا فقال لها الخضر : إنه لا حاجة لي في النساء ، فإن شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته ، وإن شئت طلّقتك؟ قالت : بل أعبد الله معك ، قال : فلا تظهري سرّي ، فإنك إن حفظت سرّي حفظك الله ، وإن أظهرت عليه [أهلك] أهلكك (٥) الله ، فكانت معه سنة لم تلد ، فدعاها الملك فقال : أنت شابة وابني شاب ، فأين الولد وأنت من نساء ولّد ، فقالت : إنما الولد بأمر الله ، ودعا الخضر فقال له : أين الولد يا بني؟ قال : الولد بأمر الله ، فقيل للملك : فلعل هذه المرأة عقيم لا تلد ، فزوّجه امرأة قد ولدت ؛ فقال للخضر طلّق هذه ، قال : تفرق بيني وبينها وقد اغتبطت بها ، فقال لا بد ، فطلّقها ثم زوجه ثيّبا قد ولدت ، فقال لها الخضر كما للأولى فقالت : بل أكون معك ، فلما كان الحول دعاها فقال : إنّك ثيّب قد ولدت قبل ابني فأين ولدك؟ فقالت : هل يكون الولد إلّا من بعل ، وبعلي مشتغل بالعبادة لا حاجة له في النساء ؛ فغضب الملك وقال : اطلبوه فهرب ، فطلبه ثلاثة فأصابه اثنان منهم ، فطلب إليهما أن يطلقاه فأبيا وجاء الثالث فقال : لا تذهبا به ، فلعله يضربه وهو ولده ، فأطلقاه ثم جاءوا إلى الملك فأخبره الاثنان أنهما أخذاه وأن الثالث أخذه منهما ، فحبس الثالث ، فكّر الملك فدعا الاثنين فقال : أنتما خوّفتما ابني حتى هرب ، فذهب فأمر بهما فقتلا ، ودعا بالمرأة فقال لها : أنت هربت ابني وأفشيت سره ، لو كتمت عليه لأقام عندي ، فقتلها ، وأطلق المرأة الأولى والرجل ، فذهبت المرأة فاتّخذت عريشا على باب المدينة فكانت تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه ، فخرج رجل من المدينة فقير فقال : بسم الله ، فقالت المرأة ، وأنت تعرف الله؟ قال : أنا
__________________
(١) بالأصل : «أن».
(٢) الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ونقله ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٣٠٠.
(٣) في الجليس الصالح : ملك ، وهو الظاهر.
(٤) الأصل وم : «الناس» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) الأصل : «أهلك» والصواب عن الجليس الصالح وم.