وعن أبيك بعد إلّا غنى ، إن شئت أن تجعل قبري مما يلي العدو في غير ما يشق على أحد من المسلمين ، فلما قبض أبو أيوب كان يزيد كأنه على رجل حتى فرغ من غسله ودفنه (١) [٣٨٥٢].
أخبرتنا أم المجتبى العلوية ، قالت : قرئ على إبراهيم سبط بحرويه ، أنا محمّد بن إبراهيم بن علي ، أنا أحمد بن علي بن المثنى ، نا عمرو بن الضّحّاك بن مخلد ، نا أبي ، نا حمزة بن شريح قال : سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول : حدّثني أسلم أبو عمران مولى لكندة ، قال : كنا بمدينة فأخرجوا إلينا جميعا عظيما من الروم ، وخرج إليهم مثله أو أكثر ، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحمل رجل من المسلمين على صفّ الروم حتى دخل فيهم ، فصاح به الناس وقالوا : سبحان الله يلقي بيده إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أيّها الناس إنكم تأوّلون هذه الآية على هذا التأويل ، وإنما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار ، إنّا لما أعزّ الله الإسلام ، وكثّر ناصريه ، قلنا بعضنا لبعض سرا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن أموالنا قد ضاعت إن الله قد أعز الإسلام ، وكثّر ناصريه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله على نبيّه صلىاللهعليهوسلم يردّ علينا ما قلنا : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٢) ، فكانت التهلكة الإقامة في أموالنا وإصلاحها وتركنا الغزو ، وقال : وما زال أبو أيّوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية (٣) ، أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن الحسن ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمّد بن هارون الرّوياني ، نا ابن إسحاق ـ يعني محمّد الصّغاني ـ نا يعلى بن عبيد ، نا الأعمش ، عن أبي ظبيان قال : غزا أبو أيوب الروم فمرض ، فلما حضر قال : إذا أنا متّ [فاحملوني](٤) ، فإذا صاففتم (٥) العدو
__________________
(١) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٤١١ وانظر تخريجه فيه.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٩٥.
(٣) انظر ترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ٤٧.
(٤) زيادة عن سير الأعلام وابن العديم وم.
(٥) تقرأ بالأصل : «صافتم» وفوقها إشارة تحويل إلى الهامش ، ولم يكتب بالهامش شيئا والمثبت عن ابن العديم وسير الأعلام وفي م : صادفتم.